فإن خصمه حاضرا ويحتمل أن لا يدفع إليه شئ حتى يقيم كفيلا أنه متى حضر خصمه وأبطل دعواه فعليه ضمان ما أخذه لئلا يأخذ المدعي ما حكم له به ثم يأتي خصمه فيبطل حجته أو يقيم بينة بالقضاء والابراء أو يملك العين التي قامت بها البينة بعد ذهاب المدعي وغيبته أو موته فيضيع مال المدعى عليه وظاهر كلام احمد الأول فإنه قال في رجل عنده دابة مسروقة فقال هي عندي وديعة إذا أقيمت البينة أنها له تدفع إلى الذي أقام البينة حتى يجئ صاحب الوديعة فيثبت (فصل) فاما الحاضر في البلد أو قريب منه إذا لم يمنع من الحضور فلا يقضي عليه قبل حضوره في قول أكثر أهل العلم، وقال أصحاب الشافعي في وجه لهم انه يقضي عليه في غيبته لأنه غائب أشبه الغائب عن البلد ولنا انه أمكن سؤاله فلم يجز الحكم عليه قبل سؤاله كحاضر مجلس الحاكم ويفارق الغائب البعيد فإنه لا يمكن سؤاله فإن امتنع من الحضور أو توارى فظاهر كلام احمد جواز القضاء عليه لما ذكرنا عنه في رواية حرب وروى عنه أبو طالب في رجل وجد غلامه عند رجل فأقام البينة انه غلامه فقال الذي عنده الغلام أودعني هذا رجل فقال احمد أهل المدينة يقضون على الغائب يقولون إنه لهذا الذي أقام البينة وهو مذهب حسن وأهل البصرة يقضون على غائب يسمونه الاعذار وهو إذا ادعى على رجل ألفا وأقام البينة فاختفى المدعى عليه يرسل إلى بابه فينادي الرسول ثلاثا فإن جاء وإلا قد أعذروا إليه فهذا يقوي قول أهل المدينة وهو معنى حسن وقد ذكر الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب انه يقضى على الغائب الممتنع وهو قول الشافعي لأنه تعذر حضوره وسؤاله فجاز القضاء عليه كالغائب البعيد بل هذا أولى لأن البعيد معذور وهذا لا عذر له وقد ذكرنا فيما تقدم شيئا من هذا
(٤٨٧)