قال الحسن إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لغنيا عن مشاورتهم وإنما أراد ان يستن بذلك الحكام بعده وقد شاور النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في أسارى بدر وفي مصالحة الكفار يوم الخندق وفي لقاء الكفار يوم بدر وروي ما كان أحد أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وشاور أبو بكر الناس في ميراث الجدة وعمر في دية الجنين وشاور الصحابة في حد الخمر وروي أن عمر كان يكون عنده جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف إذا نزل به الامر شاورهم فيه ولا مخالف في استحباب ذلك قال احمد لما ولي سعد بن إبراهيم قضاء المدينة كان يجلس بين القاسم وسالم يشاورهما وولي محارب بن دثار قضاء الكوفة يجلس بين الحكم وحماد يشاورهما ما أحسن هذا لو كان الحكام يفعلونه يشاورون وينتظرون، ولأنه قد ينتبه بالمشاورة ويتذكر ما نسيه بالمذاكرة ولان الإحاطة بجميع العلوم متعذرة وقد ينتبه لإصابة الحق ومعرفة الحادثة من هو دون القاضي فكيف بمن يساويه أو يزيد عليه؟ فقد روي أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه جاءته الجدتان فورث أم الام وأسقط أم الأب فقال له عبد الرحمن بن سهل يا خليفة رسول الله لقد أسقطت التي لو ماتت ورثها وورثت التي لو ماتت لم يرثها فرجع أبو بكر فاشترك بينهما وروى عمر بن شبة عن الشعبي أن كعب بن سوار كان جالسا عند عمر فجاءته امرأة فقالت
(٣٩٦)