لم يجز له وعليه أن يتصدق به. فإن قيل فصوفها وشعرها ووبرها إذا جزه تصدق به ولم ينتفع به فلم أجزتم له الانتفاع باللبن؟ قلنا الفرق بينهما من وجهين (أحدهما) ان لبنها يتولد من غذائها وعلفها وهو القائم به فجاز صرفه إليه كما أن المرتهن إذا علف الرهن كان له أن يحلب ويركب، وليس له أن يأخذ الصوف ولا الشعر (الثاني) أن الصوف والشعر ينتفع به على الدوام فجرى مجرى جلدها وأجزائها، واللبن يشرب ويؤكل شيئا فشيئا فجرى مجرى منافعها وركوبها، ولان اللبن يتجدد كل يوم، والصوف والشعر عين موجودة دائمة في جميع الحول (فصل) وأما صوفها فإن كان جزه أنفع لها مثل أن يكون في زمن الربيع تخف بجزه وتسمن جاز جزه ويتصدق به، وإن كان لا يضر بها لقرب مدة الذبح أو كان بقاؤه أنفع لها لكونه يقيها الحر والبرد لم يجز له أخذه كما أنه ليس له أخذ بعض أجزائها (مسألة) قال (وايجابها أن يقول هي أضحية) وجملة ذلك أن الذي تجب به الأضحية وتتعين به هو القول دون أمنية وهذا منصوص الشافعي وقال مالك وأبو حنيفة إذا اشترى شاة أو غيرها بنية الأضحية صارت أضحية لأنه مأمور بشراء أضحية فإذا اشتراها بالنية وقعت عنها كالوكيل ولنا انه إزالة ملك على وجه للقربة فلا تؤثر فيه النية المقارنة للشراء كالعتق والوقف، ويفارق البيع فإنه لا يمكنه جعله لموكله بعد إيقاعه وههنا بعد الشراء يمكنه جعلها أضحية، فأما إذا قال هذه أضحية صارت واجبة كما يعتق العبد بقول سيده هذا حر، ولو أنه قلدها أو أشعرها ينوي به جعلها أضحية لم تصر أضحية حتى ينطق به لما ذكرنا
(١٠٦)