فركب سفينة فقال أبو الخطاب يحنث لأنه ركوب قال الله تعالى (اركبوا فيها بسم الله مجريها) وقال (فإذا ركبوا في الفلك) (الضرب الثالث) أن يكون الاسم المحلوف عليه عاما لكن أضاف إليه فعلا لم تجر العادة به الا في بعضه أو اشتهر في البعض دون البعض مثل ان يحلف ان لا يأكل رأسا فإنه يحنث بأكل رأس كل حيوان من النعم والصيود والطيور والحيتان والجراد ذكره القاضي. وقال أبو الخطاب لا يحنث الا بأكل رأس جرت العادة ببيعه للاكل منفرد: وقال الشافعي لا يحنث الا بأكل رؤوس بهيمة الأنعام دون غيرها الا أن يكون في بلد تكثر فيه الصيود وتميز رؤوسها فيحنث بأكلها. وقال أبو حنيفة لا يحنث بأكل رؤوس الإبل لأن العادة لم تجر ببيعها مفردة وقال صاحباه لا يحنث الا بأكل رؤوس الغنم لأنها التي تباع في الأسواق دون غيرها فيمينه تنصرف إليها ووجه الأول أن هذه رؤوس حقيقة وعرفا مأكولة فحنث باكلها كما لو حلف لا يأكل لحما فاكل من لحم النعام والزرافة وما يندر وجوده وبيعه ومن ذلك إذا حلف لا يأكل بيضا حنث بأكل بيض كل حيوان سواء كثر وجوده كبيض الدجاج أو قل وجوده كبيض النعام، وبهذا قال الشافعي وقال أصحاب الرأي لا يحنث بأكل بيض النعام وقال أبو ثور لا يحنث الا بأكل بيض الدجاج وما يباع في السوق.
ولنا أن هذا كله بيض حقيقة وعرفا وهو مأكول فيحنث بأكله كبيض الدجاج ولأنه لو حلف لا يشرب ماء فشرب ماء البحر أو ماء نجسا أو لا يأكل خبزا فاكل خبز الأرز أو الذرة في مكان لا يعتاد اكله فيه حنث، فأما ان اكل بيض السمك أو الجراد فقال القاضي يحنث لأنه بيض حيوان أشبه بيض النعام وقال أبو الخطاب: لا يحنث الا بأكل بيض يزايل بائضه في الحياة وهذا قول الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي وأكثر العلماء وهو الصحيح لأن هذا لا يفهم من اطلاق اسم البيض ولا يذكر إلا مضافا إلى بائضه ولا يحنث بأكل شئ يسمى بيضا غير بيض الحيوان ولا بأكل شئ يسمى رأسا غير رؤوس الحيوان لأن ذلك ليس برأس ولا بيض في الحقيقة والله أعلم.
" مسألة " قال (وان حلف ألا يأكل سويقا فشربه أو لا يشربه فاكله حنث إلا أن تكون له نية) وجملته ان من حلف لا يأكل شيئا فشربه أو لا يشربه فأكله فقد نقل عن أحمد ما يدل على روايتين (إحداهما) يحنث لأن اليمين على ترك أكل شئ أو شربه يقصد بها في العرف اجتناب ذلك الشئ فحملت اليمين عليه الا أن ينوي ألا ترى ان قوله تعالى (ولا تأكلوا أموالهم - و - ان الذين يأكلون أموال اليتامى