(فصل) فإن حلف لا يأكل فاكهة حنث بأكل كل ما يسمى فاكهة وهي كل ثمرة تخرج من الشجرة يتفكه بها من العنب والرطب والرمان والسفرجل والتفاح والكمثرى والخوخ والمشمش والأترج والتوت والنبق والموز والجوز والجميز وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف محمد بن الحسن وقال أبو حنيفة وأبو ثور لا يحنث بأكل ثمرة النخل والرمان لقول الله تعالى (فيهما فاكهة ونحل ورمان) والمعطوف يغاير المعطوف عليه ولنا أنهما ثمرة شجرة يتفكه بهما فكانا من الفاكهة كسائر ما ذكرنا ولأنهما في عرف الناس فاكهة ويسمى بائعهما فاكهانيا وموضع بيعهما دار الفاكهة والأصل في العرف الحقيقة والعطف لشرفهما وتخصيصهما كقوله تعالى (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال) وهما من الملائكة فاما يابس هذه الفواكه كالزبيب والتمر والتين والمشمش اليابس والإجاص ونحوها فهو من الفاكهة لأنه ثمر شجرة يتفكه بها ويحتمل أنه ليس منها لأنه يدخر ومنه ما يقتات فأشبه الحبوب والزيتون ليس بفاكهة لأنه لا يتفكه بأكله وإنما المقصود زيته وما يؤكل منه يقصد به التأدم لا التفكه والبطم في معناه لأن المقصود زيته ويحتمل أنه فاكهة لأنه ثمر شجر يؤكل غضا ويابسا على جهته فأشبه التوت، والبلوط ليس بفاكهة لأنه لا يتفكه به وإنما يؤكل عند المجاعة أو التداوي وكذلك سائر ثمر شجر البر الذي لا يستطاب كالزعرور الأحمر وثمر القيقب والعفص وحب الآس ونحوه وإن كان فيها ما يستطاب كحب الصنوبر فهو فاكهة لأنه ثمرة شجرة يتفكه به (فصل) فاما القثاء والخيار والقرع والباذنجان فهو من الخضر وليس بفاكهة وفي البطيخ وجهان (أحدهما) هو من الفاكهة ذكره القاضي وهو قول الشافعي وأبي ثور لأنه ينضج ويحلو أشبه ثمر الشجر (والثاني) ليس من الفاكهة لأنه ثمر بقلة أشبه الخيار والقثاء، وأما ما يكون في الأرض كالجزر واللفت والفجل والقلقاس والسوطل ونحوه فليس شئ من ذلك فاكهة لأنه لا يسمى بها ولا هو في معناها (فصل) وإن حلف لا يأكل أدما حنث بأكل كلما جرت العادة بأكل الخبز به لأن هذا معنى التألم وسواء في هذا ما يصطبغ كالطبيخ والمرق والخل والزيت والسمن والشيرج واللبن قال الله تعالى في الزيت (وصبغ للآكلين) وقال عليه السلام " نعم الادام الخل - وقال - ائتدموا بالزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة " رواه ابن ماجة أو من الجامدات كالشواء والجبن والباقلاء والزيتون والبيض وبهذا قال الشافعي وأبو ثور، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف مالا يصطبغ به فليس بادم لأن كل واحد منهما يرفع إلى الفم منفردا
(٣١٥)