فخطأه أهل عصره. وان قال المدعي لي بينة غائبة قال له الحاكم لك يمينه فإن شئت فاستحلفه وان شئت أخرته إلى أن تحضر بينتك وليس لك مطالبته بكفيل ولا ملازمته حتى تحضر البينة نص عليه أحمد وهو مذهب الشافعي لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك " فإن احلفه ثم حضرت بينته حكم بها ولم تكن مزيلة للحق لأن اليمين إنما يصار إليها عند عدم البينة فإذا وجدت البينة بطلت اليمين وتبين كذبها. وان قال لي بينة حاضرة وأريد يمينه ثم أقيم بينتي لم يملك ذلك. وقال أبو يوسف يستحلفه وان نكل قضى عليه لأن في الاستحلاف فائدة وهو انه ربما نكل فقضى عليه فأغنى عن البينة ولنا قوله عليه السلام " شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك " وأو للتخيير بين شيئين فلا يكون له الجمع بينهما ولأنه أمكن فصل الخصومة بالبينة فلم يشرع غيرها مع إرادة المدعي إقامتها وحضورها كما لو لم يطلب يمينه ولان اليمين بدل فلم يجب الجمع بينها وبين مبدلها كسائر الابدال مع مبدلاتها. وان قال المدعي لا أريد إقامتها وإنما أريد يمينه اكتفي بها استحلف لأن البينة حقه فإذا رضي باسقاطها وترك اقامتها فله ذلك كنفس الحق فإن حلف المدعى عليه ثم أراد المدعي إقامة بينته
(٤٥٥)