(فصل) فإن حضر مسافرون ومقيمون فكان المسافرون قليلا بحيث لا يضر تقديمهم على المقيمين قدمهم لأنهم على جناح السفر ويشتغلون بما يصلح الرحيل وقد خفف الله عنهم الصوم وشطر الصلاة تخفيفا عنهم وفي تأخيرهم ضرر بهم فإن شاء أفرد لهم يوما يفرغ من حوائجهم فيه. وإن شاء قدمهم من غير افراد يوم لهم فإن كانوا كثيرا بحيث يضر تقديمهم فهم والمقيمون سواء لأن تقديمهم مع لقلة إنما كان لدفع الضرر المختص بهم فإذا آل دفع الضرر عنهم إلى الضرر بغيرهم تساووا ولا خلاف في أكثر هذه الآداب وأنها ليست شرطا في صحة القضاء فلو قدم المسبوق أو قدم الحاضرين أو نحوه كان قضاؤه صحيحا.
(فصل) وإذا نقدم إليه خصمان فإن شاء قال من المدعي منكما؟ لأنهما حضرا لذلك وان شاء سكت ويقول القائم على رأسه من المدعي منكم؟ إن سكتا جميعا، ولا يقول الحاكم ولا صاحبه لأحدهما تكلم لأن في افراده بذلك تفضيلا له وتركا للانصاف.
قال عمر بن قيس شهدت شريحا إذا جلس إليه الخصمان ورجل قائم على رأسه يقول أيكما المدعي فليتكلم؟ وان ذهب الآخر يشغب غمزه حتى يفرغ المدعي ثم يقول تكلم فإن بدأ أحدهما