ذلك يروى عن ابن عباس، وقال القاضي: وأصحاب الشافعي هو أدنى زمان لأنه لم ينقل فيه عن أهل اللغة تقدير.
ولنا ما روي عن ابن عباس أنه قال في تفسير قوله تعالى (لابثين فيها أحقابا الحقب ثمانون سنة وما ذكره القاضي وأصحاب الشافعي لا يصح لأن قول ابن عباس حجة ولان ما ذكروه يفضي إلى حمل كلام الله تعالى (لابثين فيها أحقابا) وقول موسى (أو امضى حقبا) إلى اللكنة لأنه اخرج ذلك مخرج التكثير فإذا صار معنى ذلك [لابثين فيها] ساعات ولحظات أو أمضي لحظات أو ساعات صار مقتضى ذلك التقليل وهو ضد ما أراد الله تعالى بكلامه وضد المفهوم منه ولم يذكره أحد من المفسرين فيما نعلم فلا يجوز تفسير الحقب به.
[فصل] فإذا حلف لا يكلمه زمنا أو وقتا أو دهرا أو عمرا أو مليا أو طويلا أو بعيدا أو قريبا بر بالقليل والكثير في قول أبي الخطاب ومذهب الشافعي لأن هذه الأسماء لا حد لها في اللغة وتقع على القليل والكثير فوجب حمله على أقل ما يتناوله اسمه وقد يكون القرب بعيدا بالنسبة إلى ما هو أقرب منه وقريبا بالنسبة إلى ما هو أبعد منه ولا يجوز التحديد بالتحكم وإنما يصار إليه بالتوقيف ولا توقيف ههنا فيجب حمله على اليقين وهو أقل ما يتناوله الاسم وقال ابن أبي موسى الزمان ثلاثة أشهر وقال طلحة العاقولي الحين والزمان والعمر واحد لأنهم لا يفرقون في العادة بينهما والناس يقصدون بذلك التبعيد فلو حمل على القليل حمل على خلاف قصد الحالف والدهر يحتمل أنه كالحين أيضا لهذا المعنى. وقال في بعيد وملئ وطويل هو أكثر من شهر، وهذا قول أبي حنيفة لأن ذلك ضد القليل ولا يجوز حمله على ضده ولو حمل العمر على أربعين عاما كان حسنا لقول الله تعالى مخبرا عن نبيه عليه السلام [فقد لبثت فيكم عمرا من قبله] وكان أربعين سنة فيجب حمل الكلام عليه ولان العمر في الغلب لا يكون إلا مدة طويلة فلا يحمل على خلاف ذلك [فصل] فإن حلف لا يكلمه الدهر أو الأبد أو الزمان فذلك على الأبد لأن ذلك بالألف واللام وهي للاستغراق فمقتضي الدهر كله [فصل] فإن حلف على أيام فهي ثلاثة لأنها أقل الجمع قال الله تعالى [واذكروا الله في أيام معدودات] وهي أيام التشريق وان حلف على أشهر فهي ثلاثة لأنها أقل الجمع وان حلف على شهور