ولنا ان إباحة الميتة منصوص عليها وإباحة الصيد مجتهد فيها وتقديم المنصوص عليه أولى فإن لم يجد ميتة ذبح الصيد وأكله، نص عليه أحمد لأنه مضطر إليه عينا وقد قيل إن في الصيد تحريمات ثلاثا تحريم قتله وأكله وتحريم الميتة لأن ما ذبحه المحرم من الصيد يكون ميتة فقد ساوى الميتة في هذا وفضل عليها بتحريم القتل والاكل ولكن يقال على هذا ان الشارع إذا أباح له ذبحه لم يصر ميتة ولهذا لو لم يجد الميتة فذبحه كان ذكيا طاهرا وليس بنجس ولا ميتة ولهذا يتعين عليه ذبحه في محل الذبح وتعتبر شروط الذكاة فيه ولا يجوز قتله ولو كان ميتة لم يتعين ذلك عليه (فصل) وإذا ذبح المحرم الصيد عند الضرورة جاز له ان يشبع منه لأنه لحم ذكي لاحق فيه لآدمي سواه فأبيح له الشبع منه كما لو ذبحه حلال من أجله (فصل) فإن لم يجد المضطر شيئا لم يبح له أكل بعض أعضائه. وقال بعض أصحاب الشافعي:
له ذلك لأن له أن يحفظ البلة بقطع عضو كما لو وقعت فيه الاكلة ولنا أن اكله من نفسه ربما قتله فيكون قاتلا لنفسه ولا يتيقن حصول البقاء بأكله. أما قطع الاكلة فإنه يخاف الهلاك بذلك العضو فأبيح له إبعاده ودفع ضرره المتوجه منه بتركه كما أبيح قتل الصائل عليه ولم يبح له قتله ليأكله (فصل) وان لم يجد إلا آدميا محقون الدم لم يبح له قتله إجماعا ولا إتلاف عضو منه مسلما كان أو كافرا لأنه مثله فلا يجوز أن يبقي نفسه باتلافه وهذا لا خلاف فيه، وإن كان مباح الدم كالحربي والمرتد فذكر القاضي ان له قتله وأكله لأن قتله مباح وهكذا قال أصحاب الشافعي لأنه لا حرمة له فهو بمنزلة السباع، وان وجده ميتا أبيح اكله لأن أكله مباح بعد قتله فكذلك بعد موته، وان وجد معصوما ميتا لم يبح اكله في قول أصحابنا، وقال الشافعي وبعض الحنفية يباح وهو أولى لأن حرمة الحي أعظم، قال أبو بكر بن داود: أباح الشافعي أكل لحوم الأنبياء، واحتج أصحابنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم " كسر عظم الميت ككسر عظم الحي " واختار أبو الخطاب ان له أكله وقال لا حجة في الحديث ههنا