وأجمعت الأمة على كتاب القاضي إلى القاضي ولان الحاجة إلى قبوله داعية فإن من له حق في بلد غير بلده ولا يمكنه اتيانه والمطالبة به الا بكتاب القاضي فوجب قبوله. وإذا ثبت هذا فإن كتاب القاضي يقبل في الأموال وما يقصد به المال ولا يقبل في الحدود كحق الله تعالى وهل يقبل فيما عدا هذا؟ على وجهين، وبهذا قال أصحاب الرأي، قال أصحاب الشافعي يقبل في كل حق لآدمي من الجراح وغيرها وهل يقبل في الحدود التي لله تعالى؟ على قولين، وتمام الكلام في هذا الفصل يذكر في الشهادة على الشهادة إن شاء الله تعالى، والكتاب على ضربين:
(إحداهما) أن يكتب بما حكم به وذلك مثل أن يحكم على رجل بحق فيغيب قبل إيفانه أو يدعي حقا على غائب ويقيم به بينة ويسأل الحاكم الحكم عليه فيحكم عليه ويسأله ان يكتب له كتابا يحمله إلى قاضي البلد الذي فيه الغائب فيكتب له إليه أو تقوم البينة على حاضر فيهرب قبل الحكم عليه فيسأل صاحب الحق الحاكم الحكم عليه وأن يكتب له كتابا بحلمه ففي هذه الصور الثلاث يلزم الحاكم اجابته إلى الكتابة ويلزم المكتوب إليه قبوله سواء كانت بينهما مسافة بعيدة أو قريبة حتى لو كانا في جانبي بلد أو مجلس لزمه