(والثاني) لا يحنث ذكره القاضي واختاره أبو الخطاب وهو قول أصحاب الرأي لأن الدخول لا يستعمل في الاستدامة ولهذا يقال دخلتها منذ شهر ولا يقال دخلتها شهرا فجرى مجرى التزويج ولان الدخول الانفصال من خارج إلى داخل فلا يوجد في الإقامة وللشافعي قولان كالوجهين ويحتمل أن من أحنثه إنما كان لأن ظاهر حال الحالف انه يقصد هجران الدار ومباينتها والإقامة تخالف ذلك فجرى مجرى الحالف على ترك السكنى به (فصل) فإن حلف لا يضاجع امرأته على فراش وهما متضاجعان فاستدام ذلك حنث لأن المضاجعة تقع على الاستدامة ولهذا يقال اضطجع على الفراش ليلة وإن كان هو مضطجعا على الفراش وحده فاضطجعت عنده عليه نظرت فإن قام لوقته لم يحنث وإن استدام حنث لما ذكرنا وان حلف لا يصوم وهو صائم فأتم يومه فقال القاضي لا يحنث ويحتمل أن يحنث لأن الصوم يقع على الاستدامة يقال صام يوما ولو شرع في صوم يوم العيد فظن أنه من رمضان فبان انه يوم العيد حرمت عليه استدامته وان حلف لا يسافر وهو مسافر فأخذ في العود أو أقام لم يحنث وان مضي في سفره حنث لأن الاستدامة سفر ولهذا يقال سافرت شهرا (فصل) وان حلف لا يلبس هذا الثوب وكان رداء في حال حلفه فارتدى به أو ائتزر أو اعتم به أو جعله قميصا أو سراويل أو قباء وألبسه حنث، وكذلك إن كان قميصا فارتدى به أو سراويل فائتزر به حنث هذا هو الصحيح من مذهب الشافعي لأنه قد لبسه، وإن قال في يمينه لا ألبسه وهو رداء فغيره عن كونه رداء ولبسه لم يحنث لأن اليمين وقعت على ترك لبسه رداء وإن قال والله لا لبست شيئا فليس قميصا أو عمامة أو قلنسوة أو درعا أو جوشنا أو خفا أو نعلا حنث، قال أصحاب الشافعي في الخف والنعل وجهان (أحدهما) لا يحنث ولنا أنه ملبوس حقيقة وعرفا فحنث به كالثياب وفي الحديث أن النجاشي أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم خفين فلبسهما وقيل لابن عمر انك تلبس هذا النعال قال: اني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسهما وان ترك القلنسوة في رجله أو ادخل يده في الخف أو النعل لم يحنث لأن ذلك ليس بلبس لهما (فصل) وإن حلف ليلبسن امرأته حليا فلبسها خاتما من فضة أو مخنقة من لؤلؤ أو جوهر وحده بر في يمينه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يبر لأنه ليس بحلي وحده ولنا قول الله تعالى (وتستخرجون منه حلية تلبسونها) وقال تعالى (يحلون فيها من أساور
(٢٩٥)