ومن هذا النوع إذا حلف لا يشم الريحان فإنه في العرف اسم مختص بالريحان الفارسي وهو في الحقيقة اسم لكل نبت أو زهر طيب الريح مثل الورد والبنفسج والنرجس وقال القاضي: لا يحنث الا بشم الريحان الفارسي. وهو مذهب الشافعي لأن الحالف لا يريد بيمينه في الظاهر سواه، وقال أبو الخطاب يحنث بشم ما يسمى في الحقيقة ريحانا لأن الاسم يتناوله حقيقة ولا يحنث بشم الفاكهة وجها واحدا لأنها لا تسمى ريحانا حقيقة ولا عرفا ومن هذا لو حلف لا يشم وردا ولا بنفسجا فشم دهن البنفسج وماء الورد فقال القاضي لا يحنث، وهو مذهب الشافعي لأنه لم يشم وردا ولا بنفسجا وقال أبو الخطاب يحنث لأن الشم إنما هو الرائحة دون الذات ورائحة الورد والبنفسج موجودة فيهما، وقال أبو حنيفة يحنث بشم دهن البنفسج لأنه يسمى بنفسجا ولا يحنث بشم ماء الورد لأنه لا يسمى وردا والأول أقرب إلى الصحة إن شاء الله وان شم الورد والبنفسج اليابس حنث وقال بعض أصحاب الشافعي لا يحنث كما لو حلف لا يأكل رطبا فاكل تمرا ولنا ان حقيقة باقية فحنث به كما لو حلف لا يأكل لحما فاكل قديدا وفارق وما ذكروه فإن التمر ليس رطبا وان حلف لا يأكل شواء حنث بأكل اللحم المشوي دون غيره من البيض المشوي وما عداه وبه قال أصحاب الرأي وقال أبو يوسف وابن المنذر يحنث بأكل كل ما يشوى لأنه شواء ولنا ان هذا لا يسمى شواء فلم يحنث بأكله كالمطبوخ وقولهم هو شوا في الحقيقة قلنا لكنه لا يسمى شواء في العرف والظاهر أنه إنما يريد المسمى شواء في عرفهم، وان حلف لا يدخل بيتا فدخل مسجدا أو حماما فإنه يحنث نص عليه احمد ويحتمل ان لا يحنث وقول أكثر الفقهاء لأنه لا يسمى بيتا في العرف فأشبه ما قبله من الأنواع. والأول المذهب لأنهما بيتان حقيقة وقد سمى الله المساجد بيوتا فقال (في بيوت اذن الله أن ترفع - وقال - إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا) وروي في حديث " المسجد بيت كل تقي " وروي في خبر " بئس البيت الحمام " وإذا كان بيتا في الحقيقة ويسميه الشارع بيتا حنث بدخوله كبيت الانسان ولا يسلم انه من الأنواع فإن هذا يسمى بيتا في العرف بخلاف الذي قبله وان دخل بيتا من شعر أو غيره حنث سواء كان الحالف حضريا أو بدويا فإن اسم البيت يقع عليه حقيقة وعرقا قال الله تعالى (والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الانعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم) فأما مالا يسمى في العرف بيتا كالخيمة فالأولى ان لا يحنث بدخوله من لا يسميه بيتا لأن يمينه لا تنصرف إليه، فإن دخل دهليز دار أو صفتها لم يحنث وهو قول بعض أصحاب الشافعي وقال أبو حنيفة يحنث لأن جميع الدار بيت ولنا انه لا يسمى بيتا ولهذا يقال ما دخلت البيت إنما وقفت في الصحن، وان حلف لا يركب
(٣٢٢)