(مسألة) قال (والمحرم من الحيوان ما نص الله تعالى عليه في كتابه وما كانت العرب تسميه طيبا فهو حلال وما كانت تسمية خبيثا فهو لقول الله تعالى (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) يعني بقوله ما سمى الله تعالى في كتابه: قوله سبحانه (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به) الآية وما عدا هذا فما استطابته العرب فهو حلال لقول الله تعالى (ويحل لهم الطيبات) يعني ما يستطيبونه دون الحلال بدليل قوله في الآية الأخرى (يسألونك ماذا أحل لهم؟ قل أحل لكم الطيبات) ولو أراد الحلال لم يكن ذلك جوابا لهم وما استخبثته العرب فهو محرم لقول الله تعالى (ويحرم عليهم الخبائث) والذين تعتبر استطابتهم واستخباثهم هم. أهل الحجاز من أهل الأمصار لأنهم الذين نزل عليهم الكتاب وخوطبوا به وبالسنة فرجع في مطلق ألفاظهما إلى عرفهم دون غيرهم ولم يعتبر أهل البوادي لأنهم للضرورة والمجاعة يأكلون ما وجدوا ولهذا سئل بعضهم عما يأكلون فقال ما دب ودرج إلا أم حبين فقال لتهن أم حبين العافية، وما وجد في أمصار المسلمين مما لا يعرفه أهل الحجاز رد إلى أقرب ما يشبهه في الحجاز فإن لم يشبه شيئا منها فهو مباح لدخوله في عموم قوله تعالى (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما) الآية ولقول النبي صلى الله عليه وسلم " وما سكت الله عنه فهو مما عفا عنه " إذا ثبت هذا فمن المستخبثات الحشرات كالديدان والجعلان وبنات وردان والخنافس والفأر والأوزاغ والحرباء والعضاء والجراذين والعقارب والحيات وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، ورخص مالك وابن أبي ليلى والأوزاعي في هذا كله إلا الأوزاغ فإن ابن عبد البر قال هو مجمع على تحريمه وقال مالك الحية حلال إذا ذكيت واحتجوا بعموم الآية المبيحة
(٦٤)