من غير مخالف فيكون إجماعا، فإن قيل فقد أبي سعد أن يأكل، قلنا امتناع سعد من أكله ليس بمخالف لهم لأن الانسان قد يترك المباح غنى عنه أو تورعا أو تقذرا كترك النبي صلى الله عليه وسلم أكل الضب فاما أحاديثهم فهي مخصوصة بما رويناه من الحديث والاجماع، فإن كانت محوطة لم يجز الدخول إليها لقول ابن عباس إن كان عليها حائط فهو حريم فلا تأكل وان لم يكن عليها حائط فلا بأس ولان احرازه بالحائط يدل على شح صاحبه به وعدم المسامحة فيه قال بعض أصحابنا إذا كان عليها ناطور فهو بمنزلة المحوط في أنه لا يدخل إليه ولا يأكل منه إلا في الضرورة (فصل) وعن أحمد في الاكل من الزرع روايتان (إحداهما) قال لا يأكل إنما رخص في الثمار ليس الزرع، وقال ما سمعنا في الزرع أن يمس منه، ووجهه ان الثمار خلقها الله تعالى للاكل رطبة والنفوس تتوق إليها والزرع بخلافها (والثانية) قال يأكل من الفريك لأن العادة جارية بأكله رطبا أشبه الثمر وكذلك الحكم في الباقلا والحمص وشبهه مما يؤكل رطبا فاما الشعير وما لم تجر العادة بأكله فلا يجوز الاكل منه والأولى في الثمار وغيرها أن لا يأكل منها الا باذن لما فيه من الخلاف والأخبار الدالة على التحريم (فصل) وعن أحمد في حلب لبن الماشية روايتان (إحداهما) يجوز له أن يحلب ويشرب ولا يحمل لما روى الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا أتى أحدكم على ماشية فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه فإن أذن فليحلب وليشرب وان لم يكن فيها فليصوت ثلاثا فإن أجابه أحد فليستأذنه، وان لم يجبه أحد فليحلب وليشرب ولا يحمل " رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح والعمل عليه عند بعض أهل العلم وبه يقول احمد وإسحاق (والرواية الثانية) لا يجوز له أن يحلب ولا يشرب لما روى ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا باذنه أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينقل طعامه فانا يخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا باذنه " وفي لفظ " فإن ما في ضروع مواشيهم مثل ما في مشاربهم " متفق عليه
(٧٧)