(فصل) فاما الضبع فرويت الرخصة فيها عن سعد وابن عمر وأبي هريرة وعروة بن الزبير وعكرمة وإسحاق، وقال عروة ما زالت العرب تأكل الضبع ولا ترى بأكلها بأسا وقال أبو حنيفة والثوري ومالك هو حرام وروي نحو ذلك عن سعيد بن المسيب لأنها من السباع وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اكل ذي ناب من السباع وهي من السباع فتدخل في عموم النهي، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن الضبع فقال " ومن يأكل الضبع؟ " ولنا ما روى جابر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل الضبع، قلت صيد هي؟ قال " نعم " احتج به أحمد وفي لفظ قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع فقال " هو صيد ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم " رواه أبو داود قال ابن عبد البر هذا لا يعارض حديث النهي عن كل ذي ناب من السباع لأنه أقوى منه، قلنا هذا تخصيص لا معارض ولا يعتبر في التخصيص كون المخصص في رتبة المخصص بدليل تخصيص عموم الكتاب بأخبار الآحاد. فأما الخبر الذي فيه " ومن يأكل الضبع؟ " فحديث طويل يرويه عبد الكريم بن أبي المخارق ينفرد به وهو متروك الحديث. ولان الضبع قد قيل إنها ليس لها ناب وسمعت من يذكر أن جميع أسنانها عظم واحد كصفحة نعل الفرس، فعلى هذا لا تدخل في عموم النهي والله أعلم (مسألة) قال (ولا يؤكل الترياق لأنه يقع فيه لحوم الحيات) الترياق دواء يتعالج به من السم ويجعل فيه من لحوم الحيات فلا يباح أكله ولا شربه لأن لحم الحية حرام وممن كرهه الحسن وابن سيرين ورخص فيه الشعبي ومالك لأنه يرى إباحة لحوم الحيات ويقتضيه مذهب الشافعي لاباحته التداوي ببعض المحرمات ولنا ان لحم الحيات حرام بما قد ذكرناه فيما مضى. ولا يجوز التداوي بمحرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ان الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها "
(٨٢)