صلى الله عليه وسلم " إنما لامرئ ما نوى " ولان كلام الشارع يحمل على مراده إذا ثبت ذلك بالدليل فكذلك كلام غيره وقولهم ان الحنث مخالفة ما عقد عليه اليمين قلنا وهذا كذلك فإنما انعقدت عليه اليمين على ما نواه ولفظه مصروف إليه وليست هذه نية مجردة بل لفظ منوي به ما يحتمله (فصل) ومن شرط انصراف اللفظ إلى ما نواه احتمال اللفظ له فإن نوى ما لا يحتمله اللفظ مثل ان يحلف لا يأكل خبزا يعني به لا يدخل بيتا فإن يمينه لا تنصرف إلى المنوي لأنها نية مجردة لا يحتملها اللفظ فأشبه ما لو نوى ذلك بغير يمين.
(مسألة) قال (فإن لم ينو شيئا رجع إلى سبب اليمين وما هيجها) وجملته أنه إذا عدمت النية نظرنا في سبب اليمين وما أثارها لدلالته على النية فإذا حلف لا يأوي مع امرأته في هذه الدار نظرنا فإن كان سبب يمينه غيظا من جهة الدار لضرر لحقه منها أو منة عليه بها اختصت يمينه بها، وإن كان لغيظ لحقه من المرأة يقتضى جفاءها ولا أثر للدار فيه تعلق ذلك بايوائه معها في كل دار، وكذلك إذا حلف لا يلبس ثوبا من غزلها فإن كان سببه المنة عليه منها فكيفما انتفع به أو بثمنه حنث وإن كان سبب يمينه خشونة غزلها ورداءته لم يتعد بيمنه لبسه والخلاف في هذه المسألة كالخلاف في التي قبلها قد دللنا على تعلق اليمين بما نواه والسبب دليل على النية فيتعلق اليمين به وقد ثبت ان كلام الشارع إذا كان خاصا في شئ لسبب عام تعدى إلى ما يوجد فيه السبب كتنصيصه على تحريم التفاضل في أعيان ستة أثبت الحكم في كل ما يوجد فيه معناها كذلك في كلام الآدمي مثله فاما إن كان اللفظ عاما والسبب خاصا مثل من دعي إلى غداء فحلف لا يتغدى أو حلف لا يقعد فإن كانت له نية فيمينه على ما نوى وان لم تكن له نية فكلام أحمد يقتضي روايتين (إحداهما) ان اليمين محمولة على العموم لأن أحمد سئل عن رجل حلف لا يدخل بلدا لظلم رآه فيه فزال الظلم فقال النذر يوفى به يعني لا يدخله. ووجه ذلك أن لفظ الشارع إذا كان عاما لسبب خاص وجب الاخذ بعموم اللفظ دون خصوص السبب كذلك يمين الحالف وذكر القاضي فيمين حلف على زوجته أو عبده ان لا يخرج الا باذنه فعتق العبد وطلق الزوجة وخرجا بغير إذنه لا يحنث