(فصل) وليس على الحاكم تتبع قضايا من كان قبله لأن الظاهر صحتها وصوابها وانه لا يولى القضاء إلا من هو من أهل الولاية فإن تتبعها نظر في الحاكم قبله فإن كان ممن يصلح للقضاء فما وافق من أحكامه الصواب أو لم يخاف كتابا ولا سنة ولا اجماعا لم يسغ نقضه، وإن كان مخالفا لاحد هذه الثلاثة وكان في حق لله تعالى كالعتاق والطلاق نقضه لأن له النظر في حقوق الله سبحانه، وإن كان يتعلق بحق آدمي لم ينقضه الا بمطالبة صاحبه لأن الحاكم لا يستوفي حقا لمن لا ولاية عليه بغير مطالبته فإن طلب صاحبه ذلك نقضه، وإن كان القاضي قبله لا يصلح للقضاء نقضت قضاياه المخالفة للصواب كلها سواء كانت مما يسوغ فيه الاجتهاد أو لا يسوغ لأن حكمه غير صحيح وقضاؤه كلا قضاء لعدم شرط القضاء فيه وليس في نقض قضاياه نقض الاجتهاد بالاجتهاد لأن الأول ليس باجتهاد ولا ينقض ما وافق الصواب لعدم الفائدة في نقضه فإن الحق وصل إلى مستحقه، وقال أبو الخطاب: تنقض قضاياه كلها ما أخطأ فيه وما أصاب وهو مذهب الشافعي لأن وجود قضائه كعدمه ولا أعلم فيه فائدة فإن الحق لو وصل إلى مستحقه بطريق القهر من غير حكم لم يغير ذلك، وكذلك إذا كان بقضاء وجوده كعدمه والله أعلم (فصل) وحكم الحاكم لا يزيل الشئ عن صفته في قول جمهور العلماء منهم مالك والأوزاعي
(٤٠٧)