(أحدهما) يحنث لأنه قد أكله فأشبه ما جرت العادة بأكله، ولأنه روي عن عتبة بن غزوان أنه قال : لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة مالنا طعام إلا ورق الحبلة حتى قرحت أشداقنا [والثاني] لا يحنث لأنه لا يتناوله اسم الطعام في العرف (فصل) فإن حلف لا يأكل قوتا فأكل خبزا أو تمرا أو زبيبا أو لحما أو لبنا حنث لأن كل واحد من هذه يقتات في بعض البلدان ويحتمل أن لا يحنث إلا بأكل ما يقتاته أهل بلده لأن يمينه تنصرف إلى القوت المتعارف عندهم في بلدهم ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين، وإن أكل سويقا أو استف دقيقا حنث لأنه لا يقتات كذلك ولهذا قال بعض اللصوص لا تخبزا خبزا وبسابسا * ولا تطيلا بمقام حبسا وإن أكل حبا يقتات خبزه حنث لأنه يسمى قوتا ولذلك روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخر قوت عياله لسنة وإنما يدخر الحب ويحتمل لأن لا يحنث لأنه لا يقتات كذلك، وإن أكل عنبا أو حصرما أو خلا لم يحنث لأنه لم يصر قوتا (فصل) فإن حلف لا يملك مالا حنث بملك كل ما يسمى مالا سواء كان من الأثمان أو غيرها من العقار والأثاث والحيوان وبهذا قال الشافعي، وعن أحمد انه إذا نذر الصدقة بجميع ماله إنما يتناول نذره الصامت من ماله ذكرها ابن أبي موسى لأن اطلاق المال ينصرف إليه وقال أبو حنيفة لا يحنث الا إن ملك مالا زكويا استحسانا لأن الله تعالى قال (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) فلم يتناول إلا الزكوية ولنا ان غير الزكوية أموال قال الله تعالى (أن تبتغوا بأموالكم) وهي مما يجوز ابتغاء النكاح بها، وقال أبو طلحة للنبي صلى الله عليه وسلم ان أحب أموالي إلي بيرحاء يعني حديقة، وقال عمر أصبت مالا بأرض خيبر لم أصب مالا قط أنفس عندي منه، وقال أبو قتادة اشتريت مخرفا فكان أول مال تأثلثه، وفي الحديث " خير المال سكة مأبورة أو مهرة مأمورة " ويقال خير المال عين خرارة في أرض خوارة ولأنه يسمى مالا فحنث به كالزكوي، وأما قوله (وفي أموالهم حق) فالحق ههنا غير الزكاة لأن هذه الآية مكية نزلت قبل فرض الزكاة فإن الزكاة إنما فرضت بالمدينة ثم لو كان الحق الزكاة فلا حجة فيها فإن الحق إذا كان في بعض المال فهو في المال كما أن من هو في بيت من دار أو في بلدة فهو في الدار والبلدة قال الله عزو جل (وفي السماء رزقكم وما توعدون) ولا يلزم أن يكون في كل أقطارها ثم لو اقتضى هذا العموم لوجب تخصيصه فإن ما دون النصاب مال ولا زكاة فيه من حلف لا مال له وله دين حنث ذكره أبو الخطاب وهو قول الشافعي، وقال أبو حنيفة لا يحنث لأنه لا ينتفع به.
(٣١٧)