حنث لأن استدامة السكنى كابتدائها في وقوع اسم السكنى عليها الا تراه يقول سكنت هذه الدار شهرا كما يقول لبست هذا الثوب شهرا؟ وبهذا قال الشافعي وان أقام لنقل رحله وقماشه لم يحنث لأن الانتقال لا يكون الا بالأهل والمال فيحتاج ان ينقل ذلك معه حتى يكون منتقلا وحكي عن مالك أنه ان أقام دون اليوم والليلة لم يحنث لأن ذلك قليل يحتاج إليه في الانتقال فلم يحنث به وعن زفر أنه قال يحنث وان انتقل في الحال لأنه لابد من أن يكون ساكنا عقيب يمينه ولو لحظة فيحنث بها وليس بصحيح فإن مالا يمكن الاحتراز منه لا يراد باليمين ولا يقع عليه، وأما إذا أقام زمنا يمكنه الانتقال فيه فإنه يحنث لأنه فعل ما يقع عليه اسم السكنى فحنث به كموضع الاتفاق الا ترى أنه لو حلف لا يدخل الدار فدخل إلى أول جزء منها حنث وإن كان قليلا؟
(فصل) وان أقام النقل متاعه وأهله لم يحنث وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يحنث ولنا ان الانتقال إنما يكون بالأهل والمال على ما سنذكره ولا يمكنه التحرز من هذه الإقامة فلا يقع اليمين عليها وعلى هذا إن خرج بنفسه وترك أهله وماله في المسكن مع امكان نقلهم عنه حنث وقال الشافعي لا يحنث إذا خرج بنية الانتقال لأنه إذا خرج بنية الانتقال فليس بساكن ولأنه يجوز أن يريد السكنى وحده دون أهله وماله ولنا ان السكنى تكون بالأهل والمال ولهذا يقال فلان ساكن بالبلد الفلاني وهو غائب عنه بنفسه وإذا نزل بلدا بأهله وماله يقال سكنه ولو نزله بنفسه لا يقال سكنه. وقولهم انه نوى السكنى بنفسه لا يصح فإن من خرج إلى مكان لينقل أهله إليه ولم ينو السكنى بنفسه فأشبه من خرج يشترى متاعا، وان خرج عازما على السكنى بنفسه منفردا عن أهله الذي في الدار لم يحنث ويدين فيما بينه وبين الله تعالى ذكره القاضي وحكي عن مالك انه اعتبر نقل عياله دون ماله والأولى إن شاء الله انه إذا انتقل بأهله فسكن في موضع آخر فإنه لا يحنث، وان بقي متاعه في الدار لأن مسكنه حيث حل أهله به ونوى الإقامة به ولهذا لو حلف لا يسكن دارا لم يكن ساكنا لها فنزلها باهله ناويا للسكنى بها حنث - وقال القاضي:
إن نقل إليها ما يتأثث به ويستعمله في منزله فهو ساكن وإن سكنها بنفسه (فصل) وإن أكره على المقام لم يحنث لقول النبي صلى الله عليه وسلم " عفي لامتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " وكذلك إن كان في جوف الليل في وقت لا يجد منزلا يتحول إليه أو يحول بينه