الشافعي في أحد الوجهين لا يحنث بأكل المحرم بأصله لأن يمينه تنصرف إلى ما يحل لا إلى ما يحرم فلم يحنث بما لا يحل كما لو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا. لم يحنث ولنا ان هذا لحم حقيقة وعرفا فيحنث بأكله كالمغصوب وقد سماه الله تعالى لحما فقال (ولحم الخنزير) وما ذكروه يبطل بما إذا حلف لا يلبس ثوبا فلبس ثوب حرير وأما البيع الفاسد فلا يحنث به لأنه ليس ببيع في الحقيقة.
(فصل) والأسماء تنقسم إلى ستة أقسام (أحدها) ماله مسمى واحد كالرجل والمراة والانسان والحيوان فهذا تنصرف اليمين إلى مسماه بغير خلاف.
(الثاني) ماله موضوع شرعي وموضوع لغوي كالوضوء والطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة والبيع ونحو ذلك فهذا تنصرف اليمين عند الاطلاق إلى موضوعه الشرعي دون اللغوي لا نعلم فيه أيضا خلافا غير ما ذكرناه فيما تقدم.
(الثالث) ماله موضوع حقيقي ومجاز لم يشتهر أكثر من الحقيقة كالأسد والبجر فيمين الحالف تنصرف عند الاطلاق إلى الحقيقة دون المجاز لأن كلام الشارع إذا ورد في مثل هذا حمل على حقيقته دون مجازه كذلك اليمين.
(الرابع) الأسماء العرفية وهي ما يشتهر مجازه حتى تصير الحقيقة مغمورة فيه فهذا على ضروب (أحدها) ما يغلب على الحقيقة بحيث لا يعلمها أكثر الناس كالراوية هي في العرف اسم المزادة وفي الحقيقة اسم لما يستقى عليه من الحيوانات والظعينة في العرف المرأة وفي الحقيقة الناقة التي يظعن عليها والعذرة والغائط في العرف الفضلة المستقذرة وفي الحقيقة العذرة فناء الدار ولذلك قال علي عليه السلام لقوم مالكم لا تنظفون عذراتكم؟ يريد أفنيتكم والغائط المكان المطمئن فهذا وأشباهه تنصرف يمين الحالف إلى المجاز دون الحقيقة لأنه الذي يزيده بيمينه ويفهم من كلامه فأشبه الحقيقة في غيره.
(الضرب الثاني) ان يخص عرف الاستعمال بعض الحقيقة بالاسم وهذا يتنوع أنواعا فمنه ما يشتهر التخصيص فيه كلفظ الدابة وهو في الحقيقة اسم لكل ما يدب قال الله تعالى (وما من دابة في الأرض الا على الله رزقها) وقال (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا) وفي العرف اسم للبغال والخيل والحمير ولذلك لو وصى إنسان لرجل بدابة من دوابه كان له أحد هذه الثلاث فالظاهر أن يمين الحالف تنصرف إلى العرف دون الحقيقة عند الاطلاق كالذي قبله، ويحتمل ان تتناول يمينه الحقيقة بناء على قولهم فيما سنذكره وعلى قول من قال في الحالف على ترك اكل اللحم إن يمينه تتناول السمك