الأشياء جميعها، المتصرف فيها. وكأن الولاية تشعر بالتدبير والقدرة والفعل، وما لم يجتمع ذلك فيها لم ينطلق عليه اسم الوالي... ومنه الحديث " من كنت مولاه فعلي مولاه " وقول عمر لعلي " أصبحت مولى كل مؤمن " (١).
وفي لسان العرب: " الولي: ولي اليتيم الذي يلي أمره ويقوم بكفايته، وولي المرأة: الذي يلي عقد النكاح عليها، ولا يدعها تستبد بعقد النكاح دونه " (٢).
فيظهر من الجميع أن التصرف مأخوذ في مفهوم الكلمة، فما في بعض الكلمات من تفسير الولاية بخصوص المحبة لا يمكن المساعدة عليه، فهي تفيد التصدي لشأن من شؤون الغير. وفي قبالها العداوة، وهي التجاوز والتعدي على الغير، فتأمل قوله - تعالى -: ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر﴾ (٣)، وقوله - تعالى -: ﴿الله ولي الذين آمنوا، يخرجهم من الظلمات إلى النور، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت، يخرجونهم من النور إلى الظلمات﴾ (4) فحيث ما ذكر لفظ الولاية ذكر بعده سنخ الفعل والتصرف الناشي عنها، من الأمر والنهي، والعمل المناسب لها. فيظهر بذلك كون التصرف مأخوذا في مفهومها.
ويشبه رجوع التلو والولي إلى أصل واحد، وأبدلت الواو تاء. ونظائره كثيرة في كلام العرب، بل الظاهر أن المعاني الكثيرة التي ذكروها للمولى كلها ترجع إلى أمر واحد، وهو كون الشخص واقعا إلى جانب الآخر ليتصدى لبعض شؤونه ويسد بعض خلله.