وأسيد بن حضير وبشير بن سعد وسالم مولى أبي حذيفة، فبايعوا أبا بكر فانعقدت له الإمامة بذلك. ثم بايعه آخرون، وهم يسمون هذه البيعة بالشورى. وفي صحيح مسلم عن ابن عمر، عن أبيه إنه قال قبل وفاته: " إني لئن لا استخلف فإن رسول الله لم يستخلف، وإن استخلف فإن أبا بكر قد استخلف " (1).
ونحن الشيعة الإمامية نقول إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) استخلف عليا (عليه السلام) لا مرة واحدة بل مرات، من أوائل بعثته إلى حين رحلته ووفاته (صلى الله عليه وآله)، فلنذكر من ذلك نماذج، ونحيل التفصيل إلى الكتب الكلامية المؤلفة لذلك، فنقول:
روى الطبري في تاريخه عن علي بن أبي طالب قال: " لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لي: يا علي، إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين... فاصنع لنا صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة، واملأ لنا عسا من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغهم ما أمرت به، ففعلت ما أمرني ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه... فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب...
فلما أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم، فتفرق القوم ولم يكلمهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال الغد: يا علي، إن هذا الرجل سبقني إلى ما قد سمعت من القول فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا من الطعام بمثل ما صنعت، ثم اجمعهم إلي. قال ففعلت ثم جمعتهم... ثم تكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا يا بني عبد المطلب، إني والله ما أعلم شابا في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ قال: فأحجم القوم عنها جميعا، وقلت - وإني لأحدثهم سنا،