ومما يدل أيضا على أن ولد البنت ينطلق عليه اسم الولد على الحقيقة، أنه لا خلاف في تسمية الحسن والحسين عليهما السلام إنهما ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله وإنهما يفضلان بذلك ويمدحان، ولا فضيلة ولا مدح في وصف مجاز مستعار، فثبت أنه حقيقة، وقد روى أصحاب السير كلهم أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه لما أمر ابنه محمد بن الحنفية وكان صاحب رايته يوم الجمل في ذلك اليوم فقال له:
أطعن بها طعن أبيك تحمد * لا خير في الحرب إذا لم توقد بالمشرفي والقنا المسدد.
قال محمد بن إدريس رحمه الله يعني المقوم وقد استد الشئ إذا استقام، ومنه قول الشاعر:
أعلمه الرماية كل يوم * فلما استد ساعده رماني والعامة تنشده بالشين المعجمة، وهو بالسين غير المعجمة، فحمل محمد رضي الله عنه، فأبلى جهده، فقال أمير المؤمنين عليه السلام أنت ابني حقا وهذان ابنا رسول الله صلى الله عليه وآله يعني الحسن والحسين، فأجرى عليهما هذه التسمية مادحا لهما، ومفضلا لهما، والمدح لا يكون بالمجاز والاستعارة، وما زالت العرب في الجاهلية تنسب الولد إلى جده، أما في موضع مدح أو ذم، ولا يتناكرون ذلك، ولا يحتشمون منه، وقد كان الصادق أبو عبد الله عليه السلام يقال له إبدأ أنت ابن الصديق، لأن أمه بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، ولا خلاف بين الأمة في أن عيسى عليه السلام من بني آدم وولده، وإنما ينسب إليه بالأمومة دون الأبوية (1).
فإن قيل اسم الولد يجري على ولد البنات مجازا، وليس كل شئ استعمل في غيره يكون حقيقة له.
قلنا الظاهر من الاستعمال الحقيقة، وعلى من ادعى المجاز الدلالة، وقد بينا في غير موضع أن الأصل الحقيقة، والمجاز طار داخل، والاستعمال محمول على الأصول، إلا أن تنقل دلالة قاهرة.