ومنها أن البنت في الشرع وبظاهر القرآن لها النصف إذا انفردت، وللبنتين الثلثان، وهم يعطون بنت الابن من عندهم البنت المتوفى (1)، ومستحقة لهذه التسمية الجميع، وكذلك يقولون في ابنتي ابن لهما جميع المال من غير رد عليهما، وهذا بخلاف الكتاب والإجماع.
فإن قالوا ما جعل الله تعالى للبنت الواحدة النصف، وللبنتين الثلثين في كل موضع، وإنما جعل لهن ذلك مع الأبوين خاصة، وإذا انفردت عن الأبوين، لم يكن لهن ذلك قلنا قد ذهب الفضل بن شاذان إلى هذا المذهب ومن تابعه عليه، فرارا من مسألة العول ونحن نبين فساد هذه الطريقة بعد أن نبين لزوم ما ألزمناهم إياه على تسليم ما اقترحوه، فنقول قد جعل الله تعالى للبنت الواحدة النصف، ومذهبكم هذا يقتضي أن للأبوين السدسين (2)، وما بقي لبنت الابن، وهي عندكم بنت المتوفى على سبيل الحقيقة، فقد صارت البنت تأخذ مع الأبوين أكثر من النصف بسبب واحد، وجرت في ذلك مجرى الابن، فأما القول بأن للبنت الواحدة النصف، وللبنتين الثلثين، إنما يختص باجتماع الأبوين معهن، فمن بعيد القول عن الصواب، لأن الله تعالى قال " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " (3) وهذه جملة مستقلة بنفسها، وظاهر القرآن يقتضي أن للذكر مثل حظ الأنثيين على كل حال، ومع وجود كل أحد، وفقد كل أحد، ثم عطف عليها جملة أخرى مستقلة أيضا فقال تعالى " فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك " (4) ظاهر هذه الجملة إن ذلك لهن على كل حال ومع فقد كل واحد ووجوده، ثم عطف تعالى جملة أخرى مستقلة غير متعلقة بما يليها ولا ما تقدمها فقال تعالى " وإن كانت واحدة فلها النصف " (5) وما جرى إلى هيهنا للوالدين ذكر، وظاهر الكلام يقتضي أن للواحدة النصف مع كل أحد إلا أن يمنع دليل، ثم قال تعالى " ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك، إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه