إن أبا موسى لم يسند ذلك إلى النبي عليه السلام وفتواه هولا حجة فيها، ولا حجة أيضا في قضاء معاذ بذلك، ولا في كونه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ما لم يثبت علمه عليه السلام به، وإقراره عليه، وفي الخبر ما يبطل أن يكون الأخت أخذت بالتعصيب، وهو قوله ولم يورث العصبة شيئا، لأنها لو كانت هاهنا عصبة لقال ولم يورث باقي العصبة شيئا، على أن هذه الأخبار لو سلمت من كل قدح، لكانت معارضة بأخبار مثلها، وإرادة من طريق المخالف مثل قوله عليه السلام، من ترك مالا فلأهله (1)، وقول ابن عباس وجابر بن عبد الله، إن المال كله للبنت دون الأخت، وروى الأعمش مثل ذلك عن إبراهيم النخعي، وبه قضى عبد الله بن الزبير على ما حكاه الساجي والطبري، وما نختص نحن بروايته في إبطال التوريث بالعصبة كثير، فإذا تعارضت الأخبار سقطت، ووجب الرجوع إلى ظاهر القرآن.
على أن أخبارهم لو سلمت من المعارضة لكانت أخبار آحاد، وقد دللنا على فساد العمل بها في الشرعيات.
على أنهم قد خالفوا في لفظ الحديث عن ابن عباس، فورثوا الأخت مع البنت، وليست برجل ولا ذكر، وورثوها أيضا مع الأخ، إذا كانا مع البنت، ولم يخصوا الأخ (2) وكذا لو كان مكان الأخ عم، وإذا جاز لهم تخصيصه بموضع دون موضع، جاز لنا حمله على من ترك أختين لأم، وأخا لأب، مع أولاد إخوة لأب وأم، أو ترك زوجة وأخا مع عمومة وعمات، فإن ما يبقى بعد الفرض المسمى للأختين، أو الزوجة لأولي ذكر قرب، وهو الأخ بلا خلاف.
على أنهم إذا جعلوا الأخت عند فقد الإخوة عصبة، لزمهم أن يجعلوا البنت مع عدم البنين عصبة، بل هي أولى، لأن الابن أحق بالتعصيب من الأب، والأب أحق بالتعصيب من الأخ، فأخت الابن تكون أحق بالتعصيب من أخت الأخ