وإلى هذا القول يذهب شيخنا أبو جعفر في نهايته (1)، وإن كان قد ذهب إلى خلافه، في مبسوطه (2)، ومسائل خلافه (3)، فإنه قال بتحريم الجميع.
وذهب في استبصاره (4) إلى تحليل الجميع.
وقال في مبسوطه ما يأكل الخبائث كالميتة، ونحوها، من الطائر كله حرام، وهو النسر، والرخم، والبغاث، والغراب، ونحو ذلك عندنا وعند جماعة. وروي أن النبي صلى الله عليه وآله أتى بغراب فسماه فاسقا، وقال ما هو والله من الطيبات.
والغراب على أربعة أضرب، الكبير الأسود الذي يسكن الجبال ويأكل الجيف، والثاني الأبقع، فهذان حرامان، والثالث الزاغ وهو غراب الزرع، والرابع الغداف، وهو أصغر منه أغبر اللون كالرماد، قال قوم هو حرام لظاهر الأخبار (5)، وقال آخرون هو مباح، وهو الذي ورد في رواياتنا (6) إلى هاهنا كلامه رحمه الله (7).
والذي يقوى ما اخترناه، أن التحريم يحتاج إلى دلالة شرعية، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، على الصحيح من أقوال مصنفي أصول الفقه، ولا إجماع على حظره، ولا أخبار متواترة، ولا كتاب الله تعالى.
ولا يجوز أكل الخطاف، ولا أكل الخشاف بغير خلاف بين أصحابنا في ذلك.
ولا يجوز أكل لحم الطواويس، ولا الرخمة، ولا الحدأة - بكسر الحاء - وما كان له مخلب ومنسر يأكل اللحم، وأما باقي الطائر فيؤكل منه كل ما دف، ويترك منه ما يصف، فإن كان يصف ويدف يعتبر، فإن كان دفيفه أكثر من صفيفه، أكل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه، اجتنب، فإن لم يكن هناك طريق إلى اعتبار ذلك، بأن يوجد مذبوحا، أكل منه ما كانت له قانصة، أو حوصلة - بتشديد اللام