رأيت أهل الجنة يتزاورون ورأيت أهل النار يتعاورون ورأيت عرش ربي بارزا. قال ص: أصبت فالزم.
فإذا ثبت وتحقق ما ذكرناه اتضح واستبان منه فساد بعض من المذاهب السخيفة والآراء الباطلة في هذا الباب مثل رأي من زعم أن الجنة والنار لم توجدا بعد ولا توجدان إلا بعد بوار العالم وهلاك السماوات ولم يعلموا أن هذا الاعتقاد يبعد صاحبه عن طريق الآخرة ويقلل رغبته في ثواب الأعمال وجزاء إحسانه ويقلل خوفه ورهبته من عقوبة معاصيه وسيئاته.
وإليه أشار بقوله تعالى إنهم يرونه بعيدا و نراه قريبا وبقوله أولئك ينادون من مكان بعيد.
وكذا رأي من يرى ويعتقد خلود أهل الكبائر في النار وانسداد رحمة الله وانقطاع غفرانه عن المجرمين. ولم يعلموا أن الرحمة واسعة والمغفرة سابقة والقصور منا.
ولم يتفطنوا بأن هذا الرأي مما يقنط به الإنسان من رحمة الله تعالى ويقلل الرغبة والرهبة في نعيم الجنان وعذاب النيران.
وقلة الرغبة والرهبة يبعد الطريق إلى الله تعالى وملكوته على الطالبين له والقاصدين نحوه والمرغبين في لقائه.
وكل اعتقاد ومذهب ينافي رحمة الله وهدايته ويبعد الطريق إليه سبحانه فهو باطل لا محالة فإن ذلك تنافي وضع الشرائع وتضاد إرسال الرسل وإنزال الكتب إذ الغرض من جميعها ليس إلا سياقة الخلق إلى جوار رحمة ربهم بأقرب طرق وأيسر وجه.
ومن الآراء السخيفة أيضا اعتقاد أكثر الناس أن أجسام أهل الجنة أجسام لحمية وأجساد طبيعية مثل أجساد أهل الدنيا مركبة من أخلاط أربعة قابلة للاستحالات والتغيرات معروضة للآفات.
وإذا تأملوا فيما وصف الله تعالى من صفات أهل الجنة ظهر فساد هذا الرأي وذلك قول الله سبحانه لا يمسهم فيها نصب ولا يذوقون