خيرا. وكل صفة بقيت في النفس ورسخت فيها وانتقلت معها إلى الدار الآخرة صارت كأنها لزمتها ولزمت لها الآثار والأفعال الناشية منها بصورة يناسبها في عالم الآخرة والأفعال والآثار التي كانت تلك الصفات مصادر لها في الدنيا وربما تخلفت عنها تلك لأجل العوائق والصوارف الجسمانية الاتفاقية.
لأن الدنيا دار تعارض الأضداد وتزاحم المتمانعات بخلاف الآخرة لكونها دار الجمع والاتفاق لا تزاحم ولا تضاد فيها.
والأسباب هناك أسباب وعلل ذاتية كالفواعل والغايات الذاتية دون العرضية.
فكلما يصلح أثر الصفة النفسانية لم يتخلف عنها هناك كما يتخلف عنها هاهنا لمصادمة مانع له ومعاوقة صارف عنه إذ لا سلطنة هناك للعلل العرضية والأسباب الاتفاقية ومبادي الشرور بل الملك لله الواحد القهار فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول يوم لا تملك نفس لنفس شيئا و الأمر يومئذ لله يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه... فما تنفعهم شفاعة الشافعين. أي العلل الاتفاقية.
وإذا تحققت هذه الأصول وثبت أن لكل ملكة نفسانية ظهورا خاصا في كل موطن وأثرا مخصوصا في كل قابل بل لكل صفة جسمانية أو روحانية إذا قارنت قابلا أثرت في ذلك القابل أمرا يناسبه. فإن كل قابل يقبل من جهة واحدة شيئا على حسب طباعه.
أو لا يرى أن الجسم الرطب متى فعل ما في طبعه من الرطوبة في جسم آخر قبل الجسم المنفعل الرطوبة فصار رطبا مثله ومتى فعل فعله الرطوبة في قابل غير جسم