فيها الموت إلا الموتة الأولى وإنهم خالدون فيها فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون.
وما شاكل هذه الصفات التي لا يليق بالأجسام والأبدان الخليطة ولا يليق بالعقلاء أن يعتقدوا فضلا عن أقوال الأفاضل بل بالنساء والصبيان والجهال والعامة. فإن هذا الرأي جيد لهم يليق بأفعالهم ويصلح لهم ويقرب عن عقولهم. واعلم أن من علامة حقيقة الاعتقادات أن لا يقع فيها تناقض وتخالف وأكثر آراء المجادلين وطائفة من الكلاميين والمتشبهين بالعلماء يكون بحيث إذا عرضه صاحبه على عقله أنكره عليه ويجده مناقضا لسائر اعتقاداته وأصوله.
فيقع عند ذلك في شك وحيرة وسوء ظن بربه وتخيلات فاسدة ولا يجد في العالم أسوأ الناس مذهبا وأسخف الخلق وأرداهم رأيا وأشد التاجرين خسرانا.
فمن يعتقد أمرا ويكون عقله منكرا عليه ونفسه مرتابة وظنه سيئا بربه كما قال الله تعالى و ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين.
ومن جملة ما ذكرنا في الرداءة والسخافة رأي من يعتقد بأن الله تعالى خلق خلقا ورباه وأنماه وأنشأه ومكنه وقواه وسلطه على عباده متمكنا من بلاده ثم ناصبه العداوة والبغضاء وخلق له أتباعا وجنودا وهم يفعلون ما يريدون على رغم منه وعداوة له وهو الجاعل لهم المشية والاستطاعة وطول العمر والمهلة وسعة الرزاق والنعمة.
بل الحق كما أشرنا إليه أن كل أحد من الخلائق وإن كان من الأشقياء والمردودين مما نالته رحمته تعالى ووصلت إليه رأفته ولطفه له أيضا توجه غريزي إليه تعالى ودين جبلي وإطاعة فطرية لمبدئه وخالقه وإن لم يكن مشعورا به له على نحو يدق إدراكه عن أفهام أكثر الناس.
وصاحب هذا الرأي إذا فكر في أمر إبليس وجنوده وما نسب إليهم من مخالفتهم وعداوتهم لله تعالى امتلأ قلبه منهم غيظا وناصبهم العداوة والبغضاء ويحصل