نفسه كما يحكم به العقل الصريح من غير تعطيل ويدل عليه الشرع الصحيح من غير تأويل.
ثم قال: وهذا ليس بتناسخ فإن المعاد هو الشخص الأول والمتناسخ شخص آخر فالفرق بين الحشر والتناسخ أن الروح إذا صار مرة أخرى متعلقا ببدن آخر فإن حصل من هذا التعلق الشخص الأول كان حشرا واقعا لا تناسخا.
أقول: تقريره للمعاد الجسماني بأنه عود للشخص مع عدم عود البدن وتصريحه بأن الشخص إنما هو مجموع الروح والبدن مشكل وأشكل منه ما قرره في الفرق بين الحشر والتناسخ أن الشخص الثاني في الثاني غير الأول وفي الأول عينه إذ في هذا الفرق تحكم لا يخفى.
وقال في موضع بهذا العبارة: إن الروح يعاد إلى بدن آخر غير الأول ولا يشاركه في شيء من الأجزاء.
ثم قال: فإن قيل هذا هو التناسخ قلنا: سلمنا ولا مشاحة في الأسماء والشرع جوز هذا التناسخ ومنع غيره.
أقول: هذا الكلام منه مما تلقاه بعض فضلاء الزمان بالقبول وذكره في تصنيفه واستحسنه ولعله ومن تبعه توهما أن الإيراد الذي يذكر في هذا المقام هو بل الإشكال هنا لزوم مفسدة التناسخ المذكورة في بيان استحالته كما ذكره الشيخ الرئيس وغيره من الحكماء أتباع المعلم الأول القائلين ببطلان التناسخ وهي كون بدن واحد ذا نفسين وكون بدن واحد ذا ذاتين وتلك المفسدة بعينها واردة كلما تعلقت نفس ببدن آخر غير بدنه الأول سواء كان المجموع الثاني عين الأول أو غيره وسواء سمي هذا في الشرع أو العرف تناسخا أو لا.
ومنها أن الإعادة لا لغرض عبث لا يليق بالحكيم والغرض إن كان عائدا إليه كان لزوم نفس التناسخ حتى يجاب بأن الشرع جوز هذا النوع من التناسخ ومنع غيره نقصا له فيجب تنزيهه وإن كان عائدا إلى العبد لزم خلاف الحكمة والعدالة فإن ذلك الغرض إن كان إيصال ألم فهو غير لائق بالحكيم العادل وإن كان إيصال لذة فاللذات سيما الحسيات دفع الآلام. فإن الطعام وإن كان حسنا لذيذا لا يلتذ به من كان ممتليا شبعا وإنما يستلذ الجائع وكذلك سائر اللذات الحسية فإن العلماء والأطباء