لها في الدنيا والتي لها في الآخرة في كونها واحدة شخصية بوحدة النفس وشخصيتها وإن تبدلت في حد نفسها بوجه ما لم تتبدل إضافتها إلى نفس واحدة لأن تشخص الأعضاء بتشخص النفس.
أ ولا ترى أن النبي ص شخص واحد بلا تعدد ومع هذا كل من يراه في المنام فقد يرى شخصه وذاته لأن الشيطان لا يتمثل به وربما وقع أن يراه في ليلة واحدة في بلد واحد ألف رجل وامرأة مع أن جسده العنصري مدفون في روضة المدينة لم يتحرك من موضعه.
وذلك لأن حقيقته المقدسة ليست إلا نفسه الشريفة مع أي بدن كان.
فكل من رأى نفسه المقدسة مع أي تمثل كان فقد رآه لأن العبرة في تعين الشيء وتشخصه هي نفسه التي هي صورته مع أية مادة كانت عظيمة أو صغيرة وعلى أي شكل ووضع كان وقد وقع في الحديث أن أهل الجنة جرد مرد وأن ضرس الكافر مثل جبل أحد.
وظاهر أن عظم جثته يكون على شبه هذه البنية. والسبب في كون بدن المؤمن في الدنيا والآخرة أمرا واحدا بالشخص وإن كان في الدنيا قبيح المنظر كثير الشعر في الوجه وسائر الجسد وفي الآخرة حسن الوجه أجرد وأمرد هو أن التشخص إنما يكون بالنفس الناطقة وهي حقيقة الإنسان وهويته وشخصه وهي باقية بعينها ومع بقائها يكون التشخص باقيا والوحدة الشخصية باقية.
وقوله تعالى في حق الكفار المعذبين بالنار كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها يؤيد ما ذكرنا.
والبدن بمنزلة الآلة المطلقة والمادة المطلقة للإنسان والآلة من حيث هي آلة إنما يتعين بذي الآلة وكذا المادة وجودها بحسب نفسها يكون في غاية الإبهام وإنما يتعين بالصورة حتى أنه لو فرض أن تتبدل المادة بمادة أخرى مفارقة لها في ذاتها مع وحدة الصورة وبقائها يكون المادة في الحالين شخصا واحدا لاستلاكها في الصورة واتحادها معها فإن قوة الشيء بما هي قوة ليست أمرا مباينا له بل هي موجودة بوجوده