مادة الشيء هي قوة حاملة لحقيقة ذاتها فالشيء شيء بصورته لا بمادته.
وفي هذا تصريحات وتلويحات في الكتب المعتبرة من الشفا والنجاة والتحصيل والتلويحات وغيرها ونقلها يؤدي إلى الإسهاب.
وكون الشيء ذا مادة إنما هو لنقص جوهريته وضعف وجوده كالطفل المحتاج إلى المهد في وجوده والمهد غير داخل في قوام وجود الطفل فكذا المادة للمادي فإن المادة من حيث إنها مادة مستهلكة في الصورة إذ نسبتها إلى الصورة نسبة النقص إلى التمام والضعف إلى القوة وتقوم الحقيقة ليس إلا بالصورة وإنما الحاجة إليها لأجل قبول آثار الصورة ولوازمها وانفعالاتها الغير المنفكة عنها من الكم والكيف والأين وغيرها وقد يحصل من مادة واحدة صورتان إحداهما ترياق نافع والأخرى سم ناقع.
فقد علم أن المادة لا حقيقة لها إلا قوة الحقيقة وقوة الحقيقة ليست حقيقة فالعالم عالم بصورته لا بمادته والسرير سريره بهيئته المخصوصة لا بخشبته والإنسان إنسان بنفسه المدبرة لا ببدنه.
الأصل الثاني أنا قد حققنا في شرحنا للهداية الأثيرية أن الموضوع للحركة الكمية في النمو والذبول هو الشخص الإنسان المتقوم من نفس معينة واحدة مع مادة مبهمة متبدلة لها كمية ما وما وقع تلك الحركة فيه هو خصوصيات المقادير والكميات.
وذلك لأن المعتبر في تشخص الإنسان هو وحدة نفسه الباقية عند تبدل أعضائه من الطفولية إلى الشباب والشيب فما دامت النفس باقية يكون الإنسان باقيا وإن تبدلت الأعضاء جميعا.
وكما أن تشخص الإنسان بنفسه التي هي صورة ذاته فكذلك تشخص بدنه أيضا وتشخصات أعضائه بالنفس السارية قواها فيها فاليد والرجل وسائر الأعضاء ما دامت يسري فيها قوة نفس متعينة يكون يدا ورجلا وأعضاء لها وإن تبدلت عليها الخصوصيات من المواد.
فلا فرق حينئذ بين الأعضاء التي يتصرف فيها في اليقظة وبين الأعضاء التي يتصرف فيها في النوم.
وكذا لا فرق بين البدن والأعضاء التي يكون