المراه الأخرى ثم يدرك العين صورة القفاء وكذلك في اقتناص العلوم طرق عجيبة فيها ازويرارات وتحريفات أعجب ما ذكر في المرآة ويعز على بسيط الأرض من يهتدي إلى كيفية الحيلة فيها.
فهذه هي أسباب المانعة للنفس الناطقة من معرفة حقائق الأمور وإلا فكل نفس بحسب الفطرة صالحة لمعرفة حقائق الأشياء لأنها أمر رباني شريف فارق عن سائر جواهر هذا العالم بهذه الخاصية وإلى هذه الخاصية أشير في قوله تعالى: إنا عرضنا الأمانة على السماوات (2) و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها...
وتلك الأمانة التي امتاز الإنسان بحملها عن السماوات والأرضين والجبال هي المعرفة والتوحيد فإن نفس كل إنسان مستعدة لحملها في الأصل ولكن يميطها عن النهوض بأعبائها والوصول إلى تحقيقها الموانع والأسباب الصارفة وما روي عن قوله ص: لو لا الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماء. إشارة إلى هذا القابلية لها وهذه الأسباب التي هي الحجاب بين النفوس الإنسانية وعالم ملكوتها وإليه أشار بما روي أنه قيل له ص:
يا رسول الله أين الله في الأرض قال في قلوب عباده المؤمنين.
وفي الخبر أيضا: لا يسعني أرضي ولا سمائي ووسعني (1) قلب عبدي المؤمن.
والحاصل أنه إذا ارتفع هذه الحجب والموانع عن قلب الإنسان الذي هو نفسه الناطقة تجلى فيه صورة الملك والملكوت وهيئة الوجود على ما هي عليه فيرى ذاته في جنة عرضها السماوات والأرض.
وأما جملتها فأكثر سعة من السماوات والأرض لأنهما عبارة عن عالم الملك والشهادة وهو محدود متناه.
وأما عالم الملكوت والحقائق العقلية وهو الأسرار الغائبة عن مشاهدة الحواس المخصوصة بإدراك البصيرة العقلية فلا نهاية لها وجملة عالم الملك والملكوت إذا أخذت دفعة تسمى حضرة الربوبية لأن الله محيط بكل الموجودات إذ ليس في الوجود سوى ذات الله وأفعاله ومملكته من أفعاله.
فما يتجلى من ذلك للقلب هو الجنة بعينها عند قوم وهو سبب