معلول ممكن الوجود لا ينفك عنه إمكانه الذاتي أبدا.
وإن كان المراد كون الفاعل ممكن الفاعلية وممكن اللافاعلية فهو إنما يصح إذا كان الفاعل غير تام الفاعلية. فلا يصدق التعريف على قدرة البارىء عندهم.
إذ الواجب الوجود بالذات عندهم واجب الوجود من جميع الجهات فلم يكن هذا التفسير تفسيرا لمطلق القدرة بل لقدرة الحيوان.
وما ذكره بعض العلماء من نواحي فارس في التوافق بين التعريفين وصدق الأخير على ذات البارىء تعالى من أن إيجاد العالم وعدمه ممكن بالنسبة إلى الذات بدون اعتبار الإرادة وواجب مع اعتبار الإرادة التي هي عين الذات ليس بمستقيم.
لأن حيثية ذات البارىء هي بعينها حيثية علمه وقدرته وإرادته كما أسلفنا لك تحقيقه وأقمنا الحجة على أن حيثية الذات هناك هي بعينها حيثية جميع الصفات الكمالية كما أن حيثية الفاعلية والإفاضة هي بعينها حيثية جميع صفاته الإضافية كالرحمانية والرحيمية والرازقية واللطف والكرم وغيرها.
وكذا ما أفاد بعض أجلة المحققين في تصحيح التعريف الثاني على ذوق أهل الحكمة من عدم المنافاة بين إمكان عدم العالم في نفسه وامتناع عدمه بالنظر إلى مشية الله تعالى فعدم صدوره ممتنع بالذات وإن كان هو في نفسه ممكن العدم محل بحث.
لأن من فسر القدرة بصحة الصدور واللاصدور أراد به ما هو وصف القادر لا ما هو وصف المقدور عليه.
كيف والإمكان الذاتي للمقدور لا يجعل الفاعل مختارا وإلا لزم أن يكون كل فاعل وإن كان بالطبع مختارا. هذا خلف.
لأن عدم كل ممكن في ذاته ممتنع بالنظر إلى علته الموجبة له.
فثبت أن تعريف القدرة مطلقا على ما يوافق رأي الفلاسفة القائلين بكون البارىء تعالى تام القدرة والقوة لا يلحقه عجز ولا قصور في ذاته ولا فتور ودثور في فعله