نسب إليه من حيث إن علمه كاف في صدورها كان علمه بهذا الاعتبار إرادة.
والفاعل إذا تعلق فعله بمشية كان قادرا من غير أن يعتبر معه شيء آخر من تجدد أغراض أو اختلاف دواع أو تفنن إرادة أو سنوح حالات إلى غير ذلك مما لا يليق بجناب القدس.
والجمهور غافلون عن ذلك فيظنون أن القادر لا يكون إلا من شأنه أن يفعل وأن لا يفعل.
وأما من شأنه أن يفعل دائما فلا يسميه الجمهور قادرا.
والحق أن الشيء الذي يفعل دائما إن كان فعله يصدر عنه بغير مشية فليس له قدرة بهذا المعنى وإن كان يفعل بإرادة له إلا أن إرادته لا تتغير اتفاقا إذ يستحيل تغيرها استحالة ذاتية فهو يفعل بقدرة.
والتغير في المشية لا دخل له في معنى القدرة.
فالقادر من إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل سواء كان شاء ففعل دائما أو لم يشأ فلم يفعل دائما.
والشرطية غير متعلقة الصحة بصدق كل من طرفيها بل قد يصح أن يكون أحد طرفيها أو كلاهما مما يكذب.
فهذا المعنى غير صالح للنزاع بين الحكماء والكلاميين.
بل ما يصلح للنزاع بين الطائفتين هو كون مقدم الشرطية الأولى واقعا بل ضروريا ذاتيا.
ومقدم الشرطية الأخرى غير واقع بل ممتنع الوقوع امتناعا ذاتيا أو ليس كذلك.
وهذا الاختلاف في شيء آخر غير مفهوم القدرة.
ومن فسر من المنتسبين إلى الحكمة القدرة مطلقا بصحة الفعل والترك بالنظر إلى ذات الفاعل فقد أخطأ من وجهين:
الأول أنه يلزم أن يكون الفاعل بالطبع إذا لم يكن اقتضاؤه تاما بل كان مشروطا بشرط مفارق عن طبيعته فاعلا بالاختيار لصحة الفعل والترك عنه بالنظر إلى ذاته من حيث هي بل في نفس الأمر لجواز عدم تحقق ذلك الشرط فيه. وإذا زيد عليه قيد كون التأثير والإيجاد بالشعور والإرادة فقد استغنى عن ذكر الصحة والإمكان.
والثاني أنه إن كان المراد بصحة صدور الفعل عن الفاعل وعدم صحة صدوره عنه ما يساوق الإمكان الذاتي للمفعول لزم أن يكون كل معلول مقدورا لأن كل