لا المحبين فإنهم في أسره وتحت حكم سلطان أحب المحب الله جرحه جبار؟؟؟ هو الصادق وتوعد على الخطيئة بما توعد به ثم عفا ولم يؤاخذ من غير توبة من العاصي بل امتنانا منه وفضلا فأهدر ما كان له أن يأخذ به كان ما اجترحه المسئ جبارا وما توعده به الحق من وقوع الانتقام به جبار لأنه عفا عنه من غير سبب البهيمة لا تقصد ضرر العباد ولا تعقل فجرحها جبار المحب محكوم عليه فغيره هو القاتل فجرحه جبار ولله الحجة البالغة فلو شاء لهديكم أجمعين (منصة ومجلى) نعت المحب بأنه لا يقبل حبه الزيادة بإحسان المحبوب ولا النقص بجفائه هذا الحكم لا يكون إلا في محب أحبه لذاته عن تجل تجلى له فيه من اسمه الجميل فلا يزيد بالبر ولا ينقص بالإعراض بخلاف حب الإحسان والنعم فإنه يقبل الزيادة والنقص وهو الحب المعلول قالت المحبة لو قطعتني إربا إربا لم أزدد فيك إلا حبا يعني أنه لا ينقص حبنا لذلك وهو قول المرأة المحبة يقال إن هذا قول رابعة العدوية المشهورة التي أربت على الرجال حالا ومقاما وقد فصلت وقسمت رضي الله عنها وهو أعجب الطرق في الترجمة عن الحب أحبك حبين حب الهوى * وحبا لأنك أهل لذاك فأما الذي هو حب الهوى * فشغلي بذكرك عمن سواك وأما الذي أنت أهل له * فكشفك للحجب حتى أراك فلا الحمد في ذا ولا ذاك لي * ولكن لك الحمد في ذا وذاك (وقالت الأخرى جارية عتاب الكاتب) يا حبيب القلوب من لي سواكا * ارحم اليوم زائرا قد أتاكا أنت سؤلي وبغيتي وسروري * قد أبي القلب أن يحب سواكا يا منايا وسيدي واعتمادي * طال شوقي متى بكون لقاكا ليس سؤلي من الجنان نعيما * غير أني أريدها لأراكا (ولنا في هذا النعت) نعيمك أو عذابك لي سواء * فحبك لا يحول ولا يزيد فحبي في الذي تختار مني * وحبك مثل خلقك لي جديد هذا ميزان الاعتدال وهو الميزان الإلهي لا تؤثر فيه العوارض ولا يتأثر بالأحوال المحب الله لا ينتفع بالطاعة ولا يتضرر بالمخالفة من أحبه من عباده لم تضره الذنوب ولا قدحت في منزله بل بشره فقال عفا الله عنك لم أذنت لهم فقدم العفو على السؤال عندنا وعلى العتاب عند غيرنا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فقدم المغفرة على الذنب وليس يذنب عنده وإنما ذكره لتعرف العناية الإلهية بإحبابه لا ذنب لمحبوب ولا حسنة لمحب عند نفسه ومع هذا كله فإنه مقام خفي غير جلي سريع التفلت في المحب يتصور فيه المطالبة مع الأنفاس مدعية حافظ لميزانه إن أخل به قامت الحجة عليه من الجانبين فلا يحفظه إلا ذو معرفة تامة وذو حب صادق قوي السلطان ثابت الحكم (منصة ومجلى) نعت المحب بأنه غير مطلوب بالآداب إنما يطلب بالأدب من كان له عقل وصاحب الحب ولهان مدله العقل لا تدبير له فهو غير مؤاخذ في كل ما يصدر عنه إذا كان المحب الله فهو الكبير المالك مشرع الآداب في العقلاء مؤدب أوليائه كما قال ص إن الله أدبني فأحسن أدبي والسيد لا يقال يتأدب مع غلامه وإنما يقال السيد يعطي ما يستحقه العبد المحبوب عنده المكرم لديه منة منه وفضلا فالسيد غير مطالب بالأدب مع عبده وإن كان محبوبا له (منصة ومجلى) نعت المحب بأنه ناس حظه وحظ محبوبه استفرغه الحب فأنساه المحبوب وأنساه نفسه وهذا هو حب الحب والحقيقة الإلهية التي صدرت منها هذه الحقيقة لا تنقال نعم تنقال إلا أنها من الأسرار التي لا تذاع فمن كشفها عرفها ولا يجوز له أن يعرف بها وآيتها من كتاب الله نسوا الله فنسيهم ومن نسي صورته نسي نفسه (منصة ومجلى) نعت المحب بأنه مخلوع النعوت المحب لا نعت له يقيد به ولا صفة فإنه بحيث يريد محبوبه أن يقيمه فيه فنعته ما يراد به
(٣٥٩)