كمثله شئ على زيادة الكاف رفع للمناسبة الشيئية وتمام الآية وهو السميع البصير إثبات للمناسبة والآية واحدة والكلمات مختلفة فلا نعدل عن هذه المحجة فهي أقوى حجة وهي ما ذهبنا إليه من تقليد الحق فإنه طريق العلم والنجاة في الدنيا والآخرة وهي طريق النبيين والمرسلين والقائلين بالفيض من الإلهيين فإذا جاءك من الله علم فلا تدخله في ميزان الفكر ولا تجعل لعقلك سبيلا إلى ذلك فتهلك من ساعتك فإن العلم الإلهي لا يدخل في الميزان لأنه الواضع له فكيف يدخل واضعه تحت حكمه النائب لا يحكم على من استخلفه وإنما يحكم على من استخلف عليه والعلم يناقض العقل فإن العقل قيد والعلم ما حصل عن علامة وأدل العلامات على الشئ نفس الشئ وكل علامة سواها فالإصابة فيها بالنظر إلينا اتفاقي وهذا القدر في هذا الباب على حكم طريقنا كاف في الغرض المقصود والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (وصل) في الوتر وهو نوع من أنواع التوحيد اعلم أن الوتر في لسان العرب هو طلب الثار فأحدية الحق إنما اتصفت بالوتر لطلبها الثار من الأحدية التي للواحد الذي أظهر الاثنين بوجوده فما زاد إلى ما لا يتناهى من الأعداد فلما أزال بهذا الظهور حكم الأحدية فصارت أحدية الحق تطلب ثار الأحدية المزالة التي أذهب عينها هذا الواحد الذي بوجوده ظهرت الكثرة وتطلب الوحدانية فتسمى بالوتر لهذا الطلب فوكل هذا الواحد من ينوب عنه في الذب عنه فأقام العارف وكيلا بلسان حق فقال أيها الحاكم الطالب ثار الأحدية ما ذهبت الأحدية بل هذا الذي تطلبه ما أعطى الاثنينية ولا الثلاثة ولا الأربعة فصاعدا فإنه لا يعطي ما لا يقتضيه حقيقته وإنما الذي أعطانا الاثنين أحدية الاثنين وأحدية الثلاثة والأربعة بالغا ما بلغ العدد وذلك لتستدل أعيان الأعداد بأحديتها تلك على أحديتك فما سعت إلا في حقك ومن أجلك إذ تعلم أن الأعداد ما ظهرت في الكون إلا من حكم الأسماء الإلهية فإنها كثرة ومع كثرتها فالأحدية لها متحققة فأراد هذا الواحد أن لا يجهل أعيان الأعداد أحدية الأسماء حتى لا تتوهم الكثرة في جناب الله فأعطى في كل عدد أحدية ذلك العدد غيرة من وجود الكثرة المذهبة لعين الأحدية والوحدة فقبل عذره وعلم أنه متخلق في ذلك بأخلاق أحدية الحق في إقامة أحدية الأسماء الكثيرة ومشى عليه اسم الوتر للغيرة فالله وتر يحب الوتر وسيأتي في الباب الذي بعد هذا العلم بالكثرة والاشتراك إن شاء الله (وصل) في الفرد وأما الفرد فهو من حكم هذا الباب ويسمى به لانفراده بما يتميز به عن خلقه فما هو فرد من حيث ما هو واحد فإنه واحد لنفسه وفرد لتميزه عن أحدية كل شئ ولا يصح الفرد لغيره سبحانه فإنه كل ما سوى الله فيه اشتراك بعضه مع بعض ويتميز بأحديته ولا ينفرد فإن صفة الاشتراك تمنع من ذلك فلا يصح اسم الفرد على الحقيقة إلا لله الحق خاصة فإنه الفرد من جميع الوجوه إذ لم تكن له صفة اشتراك كما لسواه من الموجودات ولذلك تطلب الحدود الموجودات والله لا يطلبه حد ولا يقابله مثل ولا ضد تعالى الله وأسماؤه كلها لها الفردية فإنها له نسب لا أعيان فيأخذ الحد ذلك الاسم إذا دل على الحادث ولا يأخذه الحد إذا سميت به الله تعالى فتحد اللفظ ولا تحد مدلوله إلا إذ كان مدلوله حادثا لا غير ولا يلزم من الاشتراك في اللفظ الاشتراك في المعنى لأن اللفظ لك لا له وأنت مشترك فيك فلهذا قيل اللفظ الاشتراك ألا ترى الألفاظ المشتركة كالمشتري ليس الاشتراك إلا في إطلاق الاسم ولهذا يقع التفصيل إذا طولب بالحد صاحبه فيقال أي مشتر تريد المشتري الذي هو كوكب في السماء أو المشتري الذي هو عاقد البيع فإذا حده تميز كل عين عن صاحبتها فليس في اللفظ من ماهية المدلول شئ فبهذا تقول في الحق سميع وبصير وله يد ويدان أو أيد وأعين ورجل وجميع ما أطلقه على نفسه مما لا يتمكن للعقل أن يطلقه عليه لأنه لم يعلم ذلك الإطلاق إلا على المحدثات ولولا الشرع والأخبار النبوية الإلهية ما جاءت بها ما أطلقناها عقلا عليه ومع هذا فننفي التشبيه ولا يتناول أمرا بعينه لجهلنا بذاته وإنما نفينا التشبيه بقوله ليس كمثله شئ لا بما أعطاه الدليل العقلي حتى لا يحكم عليه إلا كلامه تعالى وبهذا نحب نلقاه إذا لقيناه وكشف عن بصائرنا وأبصارنا غطاء العمي إن كان يمكن كشفه مطلقا أو يكشف منه ما يمكن كشفه إما على التساوي في حق الجميع وإما على التفاضل في حق العباد فينفرد كل شخص برؤية لا تكون لغيره ولا يصح الكشف
(٢٩١)