في نفس الأمر وقد أقره الشارع وهو حكم شرعي مقبول لا يحل لأحد من الحكام رده وقواعد الشرع وأصوله تحفظه وكالمصالح المرسلة في مذهب مالك ولما قرر الشارع حكمها مجملا وأبان أن واضعها ومتبعيه فيها مأجورون ونهاية التابعين فيها إلى واضعها على قدره وقدر ما سن نبهتك بهذا أن تكون أوقاتك معمورة بالشرائع النبوية والسنن الأصلية فإن الكيس ينبغي أن لا يكون غاية عمله إلا نبوة أصلية لا فرعية إذ كان له الاختيار في الاختيار لما كانت الأمور في أنفسها تقبل الاختيار كما فعل سبحانه في جميع الموجودات فاختار من كل أمر في كل جنس أمرا ما كما اختيار من الأسماء الحسنى كلمة الله واختار من الناس الرسل واختار من العباد الملائكة واختار من الأفلاك العرش واختار من الأركان الماء واختار من الشهور رمضان واختار من العبادات الصوم واختار من القرون قرن النبي ص واختار من أيام الأسبوع يوم الجمعة واختار من الليالي ليلة القدر واختار من الأعمال الفرائض واختار من الأعداد التسعة والتسعين واختار من الديار الجنة واختار من أحوال السعادة في الجنة الرؤية واختار من الأحوال الرضي واختار من الأذكار لا إله إلا الله واختار من الكلام القرآن واختار من سور القرآن سورة يس واختار من آي القرآن آية الكرسي واختار من قصار المفصل قل هو الله أحد واختار من أدعية الأزمنة دعاء يوم عرفة واختار من المراكب البراق واختار من الملائكة الروح واختار من الألوان البياض واختار من الأكوان الاجتماع واختار من الإنسان القلب واختار من الأحجار الحجر الأسود واختار من البيوت البيت المعمور واختار من الأشجار السدرة واختار من النساء مريم وآسية واختار من الرجال محمدا ص واختار من الكواكب الشمس واختار من الحركات الحركة المستقيمة واختار من النواميس الشريعة المنزلة واختار من البراهين البراهين الوجودية واختار من الصور الصور الآدمية لذلك أبرزها على الصورة الإلهية واختار من الأنوار ما يكون معه النظر واختار من النقيضين الإثبات ومن الضدين الوجود واختار الرحمة على الغضب واختار من أحوال أفعال الصلاة السجود ومن أقوالها ذكر الله ومن أصناف الإرادات النية فلها الحكم في قبول العمل ورده فإنه لكل امرئ ما نوى ويلحق غير العامل بالعامل في الأجر وزيادة وأما ذكر الله من أقوال الصلاة فإن ذكر الله منها أكبر ما فيها هكذا قال عز وجل إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر فإن الصلاة مناجاة والذاكر جليسه الحق فإن ذكره به فهو تعالى لسانه وأما اختياره السجود في أفعال الصلاة فلما فيه من العصمة من الشيطان فإنه لا يفارقه في شئ من أفعال الصلاة إلا في السجود خاصة لأنه خطيئته وعند السجود يبكي ويتأسف ويندم والندم توبة ولا بد من قبول ذلك القدر فهو يتوب عند كل سجدة وإن الله يحب كل مفتن تواب ثم يعود إلى الإغواء عند الرفع من السجود هكذا وأما اختياره الرحمة على الغضب فلأنها تفعل بالمنة وتفعل بالوجوب ووسعت كل شئ والغضب من الأشياء التي وسعته الرحمة فما ثم غضب خالص غير مشوب برحمة والرحمة لا يشوبها غضب ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى فالغضب جعله يهوى فإذا هوى وهو السقوط وهو حكم الغضب لا غير فيسقط في الرحمة فتسعه وتتلقاه فلا يسقط إلا إليها وبالرحمة التي في الغضب سقط فهي التي جعلت الغضب يهوى به لتستلمه الرحمة الخالصة كالرحمة التي في الدواء الكرية فيشربه العليل على كراهة فيه رحمة خفية من أجلها استعمل الدواء الكرية في الوقت لتسلمه إلى العافية وهي الرحمة الخالصة ولهذا كان المال إلى الرحمة وحكمها وإن لم يخرجوا من النار فلهم فيها نعيم والله على كل شئ قدير ألا ترى إلى ما جعل الله في النار في الدنيا من المنافع والراحات ولو لم يكن إلا الكي بها لبعض العلل فإنه أقطع الأدوية ولقوته في أثره قدح في التوكل لأنه يقوم في الفعل مقام الشافي والمعافي فحكمت الغيرة على المكتوي بأنه غير متوكل وأما اختيار الوجود من الضدين فلأنه صفته فاختار للممكنات صفته ولا يصح إلا هذا فإن له الاقتدار والاقتدار لا يكون عنه إلا الوجود ألا تراه لما قال إن يشأ يذهبكم قال ويأت بقوم آخرين فأبى الاقتدار إلا الوجود وعلق الإرادة بالإعدام وله الاسم المانع والمنع عدم وأما اختياره الإثبات فهو عين الشئ الذي يقول له كن لأنه في حال عدمه رجح له الإثبات على التفي حتى لا يزال ممكنا في
(١٦٩)