كان الخبر متواترا كالآية وجهل التاريخ ولم يمكن الجمع بينهما كان الحكم التخيير فيهما إلا أن يكون أحدهما فيه رفع الحرج فيقدم الأخذ به وكل خبرين أو آيتين تعارضا أو آية وخبر صحيح متواترا وغير متواتر وفي أحدهما زيادة حكم قبلت الزيادة وعمل بها وترجح الأخذ بحديث الزيادة على معارضه ولا يؤخذ من الحديث إلا ما صح فإن كان المكلف مقلدا وبلغ إليه حديث ضعيف مسند إلى رسول الله ص وقد عارضه قول إمام من الأئمة أو صاحب لا يعرف دليل ذلك القول فيأخذ بالحديث الضعيف ويترك ذلك القول فإن قصاراه أن يكون في درجة ذلك القول إن كان الحديث في نفس الأمر ليس بصحيح ولا يعدل عن الحديث وأما إذا صح الحديث وعارضه قول صاحب أو إمام فلا سبيل إلى العدول عن الحديث ويترك قول ذلك الإمام والصاحب للخبر فإن كان الخبر مرسلا أو موقوفا فلا يعول عليه إلا إذا علم من التابع أنه لا يرسل الحديث إلا عن صاحب لا غير وإن لم يعين ذلك الصاحب فيؤخذ بالمرسل فإنه في حكم المسند وهو أن يقول التابع قال رسول الله ص ولا يذكر الصاحب الذي عنه رواه ويعلم أنه ممن أدرك الصحابة وصحبهم وهو ثقة في دينه ويعلم منه أنه ممن لا يرى الكذب على النبي ص في المصالح فإن علم منه ذلك لم يؤخذ بحديثه ولو أسنده ولا يجوز ترك آية أو خبر صحيح لقول صاحب أو إمام ومن يفعل ذلك فقد ضل ضلالا مبينا وخرج عن دين الله وإذا ورد الخبر عن قوم مستورين لم يتكلم فيهم بجرح ولا تعديل وجب الأخذ بروايتهم فإن جرح واحد منهم بجرحة تؤثر في صدقه ترك حديثه وإن كانت الجرحة لا تتعلق بنقله وجب الأخذ به إلا شارب الخمر إذا حدث في حال سكره فإن علم أنه حدث في حال صحوه وهو ممن هذه صفته أخذ بقوله والإسلام العدالة والجرحة طارئة وإذا ثبتت على حد ما قلناه ترك الأخذ بحديث صاحب تلك الجرحة ولا فرق بين الأخذ بخبر الواحد الصحيح وبين المتواتر إلا إن تعارضا كما قلناه وما أوجب الله علينا الأخذ بقول أحد غير رسول الله ص مع كوننا مأمورين بتعظيمهم ومحبتهم وأما النسخ فلا أقول به على حد ما يقولون به فإنه عندنا انتهاء مدة الحكم في علم الله فإذا انتهى فجائز أن يأتي حكم آخر من قرآن أو سنة فإن سمي مثل هذا نسخا قلنا به وإذا كان الأمر على هذا فيجوز نسخ القرآن بالقرآن وبالسنة فإن السنة مبينة لأنه ع مأمور بأنه يبين للناس ما نزل إليهم وأن يحكم بما أراه الله لا بما أرته نفسه فإنه لا يتبع إلا ما يوحى إليه سواء كان ذلك قرآنا أو غير قرآن ويجوز نسخ السنة بالقرآن والسنة وإذا ورد نص من آية أو خبر لا يجوز الوقوف عن الأخذ بذلك القرآن أو الخبر حتى يرى هل له معارض أم لا بل يعمل بما وصل إليه فإن عثر بعد ذلك على خبر أو آية ناسخ أو مخصص أو معمم للمتقدم كان بحكم ما وصل إليه بشروطه وهو أن يبحث عن التاريخ فإن الخاص قد يتقدم على العام كما يتقدم العام على الخاص والأصل أن الحكم للمتأخر وإذا وردت الآية أو الخبر بلفظ ما من اللسان فالأصل أن يؤخذ بما هو عليه في لغة العرب فإن أطلقه الشارع على غير المفهوم من اللسان كاسم الصلاة واسم الوضوء واسم الحج واسم الزكاة صار الأصل ما فسره به الشارع وقرره فإذا ورد بعد ذلك خبر بذلك اللفظ حمل على ما فسره به الشارع ولم يحمل على ما هو عليه في اللسان حتى يرد من الرسول في ذلك اللفظ أنه به ما هو عليه في اللسان فيعدل عند ذلك إليه في ذلك الخبر على التعيين وأوامر الشرع كلها محمولة على الوجوب ونواهيه محمولة على الحظر ما لم يقترن بالأمر قرينة حال تخرجه عن الوجوب إلى الندب أو الإباحة وكذلك النهي إن اقترنت به قرينة تخرجه من الحظر إلى الكراهة فإن تعرى الأمر عن قرينة الندب أو الإباحة تعين الوجوب وكذلك النهي وقد يرد الأمر الإلهي أو النبوي على النهي برفع التحجير خاصة لا لوجوب فعل المأمور به والإجماع إجماع الصحابة بعد رسول الله ص لا غير وما عدا عصرهم فليس بإجماع يحكم به وصورة الإجماع أن يعلم أن المسألة قد بلغت لكل واحد من الصحابة فقال فيها بذلك الحكم الذي قال به الآخر إلى أن لم يبق منهم أحد إلا وقد وصل إليه ذلك الأمر وقال فيه بذلك الحكم فإن نقل عن واحد خلاف في ذلك فليس بإجماع أو نقل عنه سكوت فليس بإجماع وإذا وقع خلاف في شئ وجب رد الحكم فيه إلى الكتاب والخبر النبوي فإنه خير وأحسن تأويلا ولا يجوز أن يدان
(١٦٤)