وإذا كان واحدا من تناوي * أي عقل يرضاه أو يصطفيه هل لعين الشريك عين وجود * فتراه بالعلم أو تنفيه كيف ينفي من كان في الأصل نفيا * وهو نفي والنفي يستوفيه لما اطلع المجاهد فيه وفي سبيله وفي الله وفي سبيل الله على السبل التي هداه الله إليها فبانت عنده فرأى أنه ما جاهد غير الله فاستحيى لأجل هذا المشهد فترك الجهاد لاقتضاء الموطن وهو المجاهد تعالى وما هو ممن يتصف بالمشقة فإنه يقول فيما هو أعظم من هذا وما مسنا من لغوب وقال وهو الذي يبدئ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وليس هذا الهين عن صعوبة في الابتداء ولهذا القول بالمفهوم ضعيف في الدلالة لأنه لا يكون حقا في كل موضع ونسب ذلك إلى الله كما شاهده كما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعظيم عزة الله إذا اتصف بها أحد من عباد الله مثل قوله عبس وتولى أن جاءه الأعمى فإنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الفال الحسن وبعثه بدعوة الحق وإظهار الآيات إنما يظهرها لمن يتصف بأنه يرى فلما جاءه الأعمى قام له حقيقة من بعث إليهم وهم أهل الأبصار فأعرض وتولى لأنه ما بعث لمثل هذا فهذا كان نظره صلى الله عليه وسلم وما عتبة سبحانه فيما علمه وإنما عتبة جبر القلب ابن أم مكتوم وأمثاله لأنهم غائبون عن الذي يشهده صلى الله عليه وسلم وأمره أن يحبس نفسه معهم فقال له واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وكان خباب بن الأرت وبلال وغيرهم من الأعبد والفقراء لما تكبر كبراء قريش وأهل الجاهلية عن أن يجمعهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلس واحد وأجابهم إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لسان الظاهر إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل لهم ذلك ليتألفهم على الإسلام لأن واحدا منهم كان إذا أسلم أسلم لإسلامه بشر كثير لكونه مطاعا في قومه ويترجم عن هذا المقام لسان الحقيقة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشاهد سوى الحق فأينما بري الصفة التي لا تنبغي إلا لله عظمها ولم يشاهد معها سواها وقام لها ووفاها حقها مثل العزة والكبرياء والغني فقال له ربه أما من استغنى فنبهه ببنية الاستغفال فأنت له تصدى وقد علم أنه لمن تصدى محمد صلى الله عليه وسلم يقول له وإن كنت تعظم صفتي حيث تراها لغلبة شهودك إياي فقد أمرتك أن لا تشاهدها مقيدة في المحدثين وهو قوله عليه السلام إن الله أدبني فأحسن أدبي وهذا من ذلك التأديب وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى هؤلاء تلك الأعبد يقول مرحبا بمن عاتبني فيهم ربي فكلما جلسوا عنده جلس لجلوسهم لا يمكن لهم أن يقوم ولا ينصرف حتى يكونوا هم الذين ينصرفون فإن الله قال له واصبر نفسك ولما علموا ذلك منه وأنه عليه السلام قد تعرض له أمور يحتاج إلى التصرف فيها فكانوا يخففون فلا يلبثون عنده إلا قليلا وينصرفون حتى ينصرف النبي صلى الله عليه وسلم لأشغاله فترك صلى الله عليه وسلم ذلك الأمر الذي كان له فيه مشهد صحيح إلهي مراعاة لحفظ القلوب المنكسرة فإن الله عند المنكسرة قلوبهم غيبا يثبته الايمان وينفيه العيان وهو عند المتكبرين عينا يثبته العيان وينفيه الايمان فنقل الله نبيه صلى الله عليه وسلم من العيان إلى الايمان وأخبره أن تجليه تعالى في أعيان الأعزاء المتكبرين من زينة الحياة الدنيا فهي زينة الله للحياة الدنيا لا لنا والذي لنا زينة الله من غير تقييد بالحياة الدنيا وما يلزم من كونه زينا لزيد أن يكون زينا لعمرو فمن الناس من لا شهود له إلا زينة الله ومن الناس من لا شهود له إلا زينة الحياة الدنيا من حيث ما هي زينة الله لها لا لنا فيشهدها لها وإن لم تكن لنا زينة ومن الناس من يشهد زينة الشيطان في عمله وأعمال الخلق في قوله فزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين فهم الذين أضلهم الله على علم فيشهدها أهل الله زينة الله للشيطان لأنه عمله ومن الناس من يشهد من زين له عمله ولا يدري من زينه هل متعلق تلك الزينة الذم أو الحمد وهو موضع الشبهة كمن يرى رجلا يحب أن يكون نعله حسنا وثوبه حسنا فلا يدري أهو ممن يحب زينة الحياة الدنيا أو هو ممن يتجمل لله في قوله خذوا زينتكم عند كل مسجد وقد قال عليه السلام للرجل الذي قال له إني أحب أن يكون نعلي حسنا وثوبي حسنا إن الله جميل يحب الجمال فوقع لهذا الرجل الاشتباه فلا يدري لمن ينسب تلك الزينة كمن يسمع شخصا يقول الحمد لله رب العالمين فلا يدري هل هو تال أو هو ذاكر من غير قصد تلاوة القرآن لأن
(١٤٩)