وتفسير آية إذا قمتم وهذا لا يصحح أن له كتاب تفسير مغايرا لهذه الكتب وأما نقل الشيخ عنه في التبيان فلعله في مسائل النحو والاعراب أو من هذه الكتب والله أعلم.
إحتراق قسم من كتبه وحزنه لذلك في معجم الأدباء قال عثمان بن جني إن وجدت فسحة وأمكن الوقت عملت بإذن الله كتابا أذكر فيه جميع المعتلات في كلام العرب وأميز ذوات الهمزة من ذوات الواو والياء وأعطي كل جزء منهما حظه من القول مستقصى إن شاء الله تعالى وذكر شيخنا أبو علي ان بعض إخوانه سأله بفارس إملاء شئ من ذلك فأملى عليه صدرا كثيرا وتقصي القول فيه وإنه هلك في جملة ما فقده وأصيب به من كتبه. وحدثني أيضا أنه وقع حريق بمدينة السلام فذهب به جميع علم البصريين قال وكنت قد كتبت ذلك كله بخطي وقرأته على أصحابنا فلم أجد من الصندوق الذي احترق شيئا البتة إلا نصف كتاب الطلاق. عن محمد بن الحسن: وسألته عن سلوته وعزائه فنظر إلي معجبا ثم قال بقيت شهرين لا أكلم أحدا حزنا وهما وانحدرت إلى البصرة لغلبة الفكر علي وأقمت مدة ذاهلا متحيرا اه.
ما قيل في مدح كتاب الايضاح في معجم الأدباء: قرأت في معجم الشعراء للسلفي أنشدني أبو جعفر محمد بن محمد بن كوثر المحاربي الغرناطي بديار مضر قال أنشدني أبو الحسن علي بن أحمد بن خلف النحوي لنفسه بالأندلس في كتاب الايضاح لأبي علي الفارسي النحوي:
أضع الكرى لتحفظ الايضاح * وصل الغدو لفهمه برواح هو بغية المتعلمين ومن بغى * حمل الكتاب يلجه بالمفتاح لأبي علي في الكتاب إمامة * شهد الرواة لها بفوز قداح يفضي إلى أسراره بنوافذ من * علمه بهرت قوى الامداح فيخاطب المتعلمين بلفظه * ويحل مشكله بومضة واحي مضت العصور وكل نحو ظلمة * وأتى فكان النحو ضوء صباح أوصي ذوي الأعراب أن يتذكروا * بحروفه في الصحف والألواح فإذا هم سمعوا النصيحة أنجحوا * إن النصيحة غبها لنجاح شعره في معجم الأدباء حدثني علم الدين أبو محمد القاسم بن أحمد الأندلسي أيده الله تعالى قال وجدت في مسائل نحوية تنسب إلى ابن جني قال لم أسمع لأبي علي شعرا قط إلى أن دخل إليه في بعض الأيام رجل من الشعراء فجرى ذكر الشعر فقال أبو علي إني لأغبطكم على قول هذا الشعر فان خاطري لا يواتيني على قوله مع تحققي للعلوم التي هي من موارده فقال له ذلك الرجل فما قلت قط شيئا منه البتة فقال ما أعهد لي شعرا إلا ثلاثة ابيات قلتها في الشيب وهي قولي:
خضبت الشيب لما كان عيبا * وخضب الشيب أولى ان يعابا ولم أخضب مخافة هجر خل * ولا عيبا خشيت ولا عتابا ولكن المشيب بدا ذميما * فصيرت الخضاب له عقابا فاستحسناها وكتبناها عنه اه.
وفي مرآة الجنان لم أذكرها أنا في هذا الكتاب لأنه أبدي في الشيب عيبا وذما وهو في الشرع نور ووقار كما ورد في حديث النبي ص في قصة إبراهيم عليهما أفضل الصلاة والتسليم اه. وهذا تورع بارد فإذا مدح الشيب في السنة النبوية بأنه نور ووقار تسلية لصاحبه لا يمنع على الشاعر أن يعيبه من جهة أخرى وهو يراه نورا ووقارا ولا يوجب التورع عن ذكر أبيات في عيبه وذكر ابن خلكان أنه رأى نفسه وهو بالقاهرة خرج إلى قليوب ودخل إلى مشهد وفيه ثلاثة أشخاص فسألهم لمن هذا المشهد فقال له أحدهم أن الشيخ أبا علي الفارسي جاور فيه عدة سنين وله مع فضائله شعر حسن فقلت ما وقفت له على شعر فقال أنا أنشدك من شعره وأنشد ثلاثة أبيات واستيقظت وقد علق بخاطري منها بيت واحد وهو:
الناس في الخير لا يرضون عن أحد * فكيف ظنك يسمو الشر لو ساموا اه. وشعر أبي علي في اليقظة كما سمعت فكيف بشعر ينسب إليه في المنام وكان العدوي سرت إلى شعر الرضي في رثائه وشعر من قرض إيضاحه.
رثاؤه قال الشريف الرضي يرثيه كما في ديوانه من أرجوزة:
أبا علي للألد إن سطا * وللخصوم إن أطالوا اللغطا تصيب عمدا إن أصابوا غلطا * ولمع تكشف عنهن الغطا كشفك عن بيض العذارى الغطا * ومصعب للقول صعب الممتطى عسفت حتى عاد مجزول المطا * وسائرات بالخطأ لا بالخطأ شوارد عنك قطعن الربطا * كما رأيت الخيل تعدو المرطى ألبست فيها كل أذن قرطا * قد وردت أفهامنا ورد القطا ومشكلات ما نشطن منشطا * ميز من ديجورها ما اختلطا ضل المجارون وما تورطا * ملوا مجارات فنيق قد مطا قرم يهد الأرض إن تخمطا * تطرفوا الفج الذي توسطا لا جذعا أودى ولا معتبطا * كانوا العقابيل وكنت الفرطا عند السراع يعرف القوم البطا * أرضى زمان بك ثم أسخطا ما أطلب الأيام منا شططا ما قاله الدكتور شلبي ألف الدكتور عبد الفتاح إسماعيل شلبي كتابا عن أبي علي الفارسي كان رسالته للدكتوراه، أجاد فيه وأتقن، وقد تعرض لتشيع المترجم بعد أن ذكر اعتزاله، مفرقا في ذلك بين تشيعه واعتزاله. وهذا أمر وقع فيه القدماء والمحدثون، والحقيقة أن المعتزلة وافقوا الشيعة أو الشيعة وافقوا المعتزلة في بعض الآراء، وكانت هذه الآراء تبدو في مؤلفات الشيعة فينسبهم من يتحدث عنهم إلى الاعتزال، وشتان في الأسس بين الاعتزال، والتشيع، وعلى ذلك فحين يؤكد الدكتور شلبي تشيع المترجم فإنه لا حاجة له إلى البرهنة على اعتزاله لأن الشيعي يقول حتما بتلك الآراء التي يتفق بها الشيعة مع المعتزلة.
على أن الدكتور شلبي تبسط في الأمر تبسطا نقل فيه كلاما للدكتور