الدليل الامضائي ما كان ملحوظا فيه حكم الغير، والمفروض عدم لحاظ حكم الغير في هذا الدليل، فلا يكون دليلا امضائيا، مع أن الأدلة الشرعية يصطلح عليها بأنها امضائية واردة في مقام تقرير احكام الغير، فلا بد أن لا تكون على هذا النحو.
مندفعة: بان اطلاق لفظ الامضاء على الأدلة الشرعية المذكورة ليس باعتبار لحاظ حكم الغير فيها، فان لسانها يأبى عن ذلك، بل باعتبار كون الحكم المنشأ بها مماثلا لما عليه العقلاء لا أكثر. فهي في واقعها تأسيسية وان كان عنوانها امضائية.
فالمراد بالامضاء ما يساوق عدم الردع والموافقة لا إنفاذ ما عليه الآخرون حتى يتوهم لزوم ملاحظة ذلك في الموضوع. أو فقل: ان الامضاء هنا بلحاظ مقام الثبوت لا الاثبات، وما يضر بالتمسك بالاطلاق هو الثاني لا الأول، فتأمل تعرف.
والتحقيق في أصل المسألة: ان سيرة العقلاء دليل لبى، وقد عرفت أن مجرد التشكيك في قيامها يكفى في عدم جواز التمسك بها. واما الاخبار فليس لها اطلاق من هذه الجهة، لكون المسوق له البيان امر آخر، كما لا يخفى على من لاحظها هذا مع قطع النظر عن التشكيك في أصل دلالتها على حجية اليد. فتدبر.
الجهة الرابعة: لا يخفى ان اليد كما لا اشكال في ترتيب آثار الملك عليها، كذلك لا شبهة في وجوب ترتيب آثارها في مقام الدعوى، فيطالب المدعى على ذي اليد بالبينة، ويكون هو منكرا، سواء ثبتت للمدعى ملكية المال سابقا أم لم تثبت.
ولكن الكلام في أنه لو أقر ذو اليد بملكية المدعى للمال سابقا، فهل تنقلب الدعوى إلى دعوى انتقال المال إليه فيكون هو مدعيا فعليه الاثبات ويكون الغير منكرا أو لا تنقلب؟ المشهور على الانقلاب.
ولا يخفى ان موضوع الدعوى الثانية المبحوث عنها ينبغي أن يكون هو تحقق السبب الناقل، كالبيع والهبة وغيرها وعدمه، لا الانتقال وعدمه، لان الانتقال امر انتزاعي ينتزع عن ملكية الغير في اللاحق وعدم ملكية المالك السابق في اللاحق، فهو متأخر عن الملكية فلا كلام فيه، لان الكلام فيما هو سابق عن الملكية، وهو