كما عرفت، فلاحظ.
والمتحصل مما ذكرناه: انه يلتزم بالترجيح بالشهرة والصفات بلا تعارض.
المقام الثاني: انه بناء على الترجيح، هل يجوز التعدي من المرجحات المنصوصة إلى غيرها في مقام الترجيح، أو لا يجوز ذلك، بل يلزم الاقتصار على المنصوص منها؟. التزم الشيخ بلزوم التعدي إلى غير المرجحات المنصوصة مما يوجب أقربية ذي المزية إلى الواقع من معارضه، واستند في ذلك إلى وجوه أربعة:
الأول: ظهور الترجيح بالأصدقية في المقبولة والأوثقية في المرفوعة، في أنه باعتبار ما فيهما من الطريقية إلى الواقع وايجابهما أقربية الخبر إليه بلا مدخلية لخصوصيتهما في الترجيح أصلا.
وأيد ذلك: بان الراوي بعد سماع الترجيح بمجموع الصفات لم يسأل عن وجود بعضها، وانما سال عن حكم صورة تساوى الروايتين في جميع المزايا المنصوصة وغيرها، حتى قال: " لا يفضل أحدهما على الاخر "، وهذا كاشف عن فهمه كون كل من هذه الصفات وما شابهها مزية مستقلة توجب الترجيح.
الثاني: تعليله (عليه السلام) في المقبولة الاخذ بالمشهور بان: " المجمع عليه لا ريب فيه "، إذ المراد بنفي الريب نفيه بالإضافة إلى الشاذ - لا النفي مطلقا بحيث يكون قطعيا من جميع الجهات، إذ لا معنى معه لفرضهما مشهورين لامتناع القطع بهما بجميع جهاتهما - فيكون المعنى: ان الريب والاحتمال الموجود في الخبر الشاذ غير موجود في المشهور. ومقتضى التعدي عن مورد النص في العلة ان كل خبرين كان في أحدهما احتمالا لا يوجد في الاخر، بحيث يكون أقرب من ذلك بعدم هذا الاحتمال كان الاخر مقدما.
الثالث: تعليلهم (عليهم السلام) لتقديم الخبر المخالف للعامة بان: " الحق والرشد في خلافهم " ونحوه، إذ من المعلوم ان هذه القضايا غالبية لا دائمة - لاتفاقنا معهم في بعض الاحكام - فكان التعليل ناظر إلى أن ما يخالفهم أقرب إلى الواقع من