لو كان أحد الطرفين خارجا عن محل الابتلاء، فالتفت وتأمل جيدا والله سبحانه ولى التوفيق.
المقام السادس: في معارضة أصالة الصحة مع غيرها من الأصول.
والكلام..
تارة يكون في حكم الأصل بالنسبة إلى الأصل الحكمي الجاري في نفسه في جميع مواردها، وهو أصالة عدم ترتيب الأثر وتحقق النقل والانتقال في العقود.
وأخرى: يكون في حكمها بالنسبة إلى الأصل الموضوعي الجاري في نفسه في بعض الموارد، كأصالة عدم البلوغ عند الشك في صحة العقد وفساده من جهة الشك في البلوغ، فان البلوغ امر حادث فالأصل عدمه.
ثم إنه حيث لم يثبت أمارية القاعدة أو أصليتها - وإن لم يكن فرق بينهما من حيث عدم ثبوت اللازم والملزوم بها كما أشرنا إليه - لا بد من الكلام من الجهتين، فيتكلم في حكمها بناء على الا مارية، كما يتكلم في حكمها بناء على الأصلية.
اما نسبتها مع الأصل الحكمي، فهما في رتبة واحدة لاتحاد موردهما، فأصالة الصحة معناها ترتب الأثر، كما أن أصالة الفساد معناها عدم ترتب الأثر.
فان قلنا بأنها امارة، سواء أثبتت اللازم أو لم تثبته، تكون مقدمة على الأصل الحكمي بالورود - كما حققناه - والا فبالتخصيص لا بالحكومة، وان كانت قول المشهور. وعلى كل فهي مقدمة عليه لا محالة، لأنها رافعة لموضوعه اما تكوينا - كما هو مبنى الورود - أو تنزيلا - كما هو مبنى الحكومة - وان قلنا بأنها أصل، فمقتضى القاعدة التي تقتضيها الصناعة هو تعارضهما وتساقطهما، لكن الاتفاق تم على تقدم أصالة الصحة، اما للزوم اللغوية - لان أكثر مواردها بل كلها يوجد فيها أصل حكمي، فيلزم من سقوطها تخصيص الأكثر وهو قبيح - أو للزوم اختلال النظام، أو لقيام سيرة المتشرعة على جريانها في مثل هذه الموارد.