عدم جعل الاحتياط ورفع الحكم ظاهرا عند عدم الطريق إلى الواقع، والا - فلو كان المراد رفع الحكم وعدم جعل الاحتياط والطرق - لكان اهمالا للواقع، وهو خلف.
وبتقريب آخر: انه لا اشكال في وجود طرق غير علمية إلى الواقع. ولا اشكال انه عند ورود هذا النص لم يفهم منه أحد إلغاء اعتبار هذه الطرق، بل المفهوم انما هو رفع التكليف وعدم جعل الكلفة بالاحتياط منة على الأمة ولطفا.
وبما أن نفى الاحتياط امتنانا انما يتحقق في مقام يكون في جعله كلفة، وهذا انما يكون مع عدم وجود ما يثبت التكليف، اما مع وجود الدليل المثبت له فنفى الاحتياط لا يكون منة ولطفا، إذ ليس فيه رفع كلفة.
فبهاتين المقدمتين - وهما: كون الرواية في مقام نفى الاحتياط فقط لا نفى طرق الواقع اجمع من امارة واستصحاب واحتياط، لأنه ليس في مقام إهمال الواقع، كما أنه ليس في مقام نفيه، وكون نفى الاحتياط من باب الامتنان وهو انما يتحقق في صورة عدم الطريق المثبت للحكم. بهاتين المقدمتين - يثبت كون موضوع البراءة عدم الطريق و الحجة على الحكم لا عدم العلم الوجداني.
وان أبيت إلا عن استظهار الصفة الوجدانية من العلم، فنقول: ان البراءة انما تجرى في حال عدم العلم في صورة عدم وجود الطريق إلى الحكم، فيرجع ذلك إلى تقييد الموضوع. وبهذا يكون الاستصحاب واردا على البراءة لأنه رافع لموضوعها حقيقة ببركة التعبد.
ولو لم يثبت - جدلا - ما ذكرناه، فلا مفر عن الالتزام بالمعارضة بين الاستصحاب و البراءة.
ولكن نحو المعارضة يختلف باختلاف الآراء في مفاد الرواية، فإنه اختلف في أن المرفوع بها ما هو؟ والأقوال ثلاثة:
الأول: كون المرفوع بها الحكم الكلى، فتختص بالشبهات الحكمية