الواحدة ووثاقة الرواة فيكون من موارد التعارض الثانية: ان الظاهر من الرواية كون منشأ الترديد والمشكلة هو وثاقة الكل، وانه مع عدم وثاقة البعض لا تكون هناك مشكلة، وهذا انما يتناسب مع موارد التعارض دون غيره، إذ لا مشكلة في وثاقة الكل في غير مورده، بل يؤخذ بالجميع.
الثالثة: ظهور قوله (عليه السلام): " فموسع عليك " في عدم الالزام بالأخذ بالخبر، وهذا لا يتناسب مع كون المقصود بيان حجية خبر الثقة، إذ المناسب لها هو الالزام بالأخذ والحكم بوجوبه، ولا معنى لجواز الاخذ بعد عدم وجود المعذر والمنجز في مطلق مواردها غيرها.
ويضاف إلى هذه الجهات الثلاث في الاشكال: انه لم يرد في غير هذا الخبر في لسان رواية الالزام بالعمل بخبر الواحد ابتداء، بلحاظ كونه امرا ارتكازيا لا يحتاج إلى بيان، وانما المسؤول عنه غالبا هو مصداق الثقة، وذلك يضعف حمل الرواية على ما ذكر.
هذا ولكن لا يمكن البناء على دلالتها لوجهين:
أحدهما: انها غير ظاهرة في التخيير بين الخبرين، بل هي ظاهرة في السعة، ولعل ذلك يرجع إلى تساقط الاخبار والرجوع إلى الأصل المبيح، فمدلول هذه الرواية نظير مدلول قوله: " الناس في سعة ما لم يعلموا.
والاخر: انها واردة في حكم زمان الحضور والتمكن من الوصول إلى الإمام (عليه السلام) ، فلا تنفع في اثبات حكم مثل زماننا.
واما الرواية السادسة - أعني: رواية سماعة، فقد نوقش فيها: بان موردها حيث كان من موارد دوران الامر بين محذورين - للترديد بين الحرمة والوجوب - وكان الحكم فيها عقلا هو التخيير، فقوله (عليه السلام): " فهو في ساعة " بيان وتقرير لهذا الحكم العقلي لا أكثر، وليس هو حكم بالتخيير بالأخذ باحدى الروايتين في مقام التعارض.