وإذا ثبت ذلك في نفسه، فيمكن ان يثبت فيما نحن فيه، بان يكتفى الشارع بالاتيان بما يحتمل تحقق الغرض به في الامتثال، فيكتفى بما يحتمل مقارنته لقصد القربة.
ويكون الدليل المتكفل لذلك هو عموم دليل قاعدة الفراغ، فإنه يدل على عدم الاعتناء بالشك والاكتفاء بالمأتي في مقام الامتثال، ومنه ما نحن فيه، فيكون من الاكتفاء بما يحتمل تحقق الغرض به، وقد عرفت أنه لا مانع منه، وانه من صلاحيات الشارع. فالتفت.
الرابع: ما ذكره من عدم جريان قاعدة الفراغ في الأثناء مع الشك في الشرط الشرعي للعمل، الا إذا كان ما مضى من الاجزاء بنحو يعد عملا من الاعمال.
فإنه غير وجيه، لأنه ان كان لاجل استفادته من بعض النصوص كقوله (عليه السلام): " كل ما مضى من صلاتك وطهورك... " - فإنه يستفاد منه كون مجرى القاعدة امرا ذا عنوان مستقل كعنوان الصلاة والطهور - فذلك يدفعه اطلاق قوله (عليه السلام): " كل ما شككت فيه مما مضى فشك ليس بشئ "، فإنه باطلاقه يشمل الكل والجزء وذا العنوان وغيره.
مضافا إلى أن ما ذكره ههنا ينافي ما ذكره في اخر كلامه من كون الجزء المشكوك في شرطه موردا لقاعدة الفراغ في نفسه، الا انها لا تجرى لانتفاء الأثر.
واما ما ذكره من عدم جريان قاعدة التجاوز عن ما لا محل له من الشروط الشرعية كالستر والاستقبال وقصد القربة - على أحد القولين - فيعرف صحته باطلاقه وعدم صحته مما نقحناه سابقا. فراجع.
الجهة الحادية عشرة: في جريان قاعدة التجاوز في الطهارات الثلاث.
والتحقيق: انه لا اشكال في عدم جريان قاعدة التجاوز عند الشك في فعل من أفعال الوضوء بعد الدخول في غيره وقبل الفراغ من الوضوء فقد انعقد الاجماع على ذلك، وادعى الشيخ ورود الاخبار الكثيرة في ذلك (1).