وهذا الوجه تام في جميع الصور، سواء كان الأصل المسببي مخالفا للأصل السببي أم موافقا، وسواء كان مجرى الأصل السببي بنفسه اثرا شرعيا - كطهارة الماء - أم لم يكن كذلك بل كان أمرا تكوينيا يترتب عليه اثر شرعي - كالكرية - وان كان توهم عدم تقدم الأصل السببي في الأخير أقوى والاستدلال عليه أوجه لان المجعول في الحقيقة بالأصل السببي هو الحكم، فيكونان متعارضان، لان أحد الأصلين يثبت الحكم والاخر ينفيه.
لكن ذلك لا يجدي بعد أن عرفت أن الملاك هو كون الأصل السببي رافعا لموضوع الأصل المسببي دون العكس إذ لا يرفع الأصل المسببي الشك في مجرى السببي - وهو الامر التكويني - فيكون المقتضى في أحدهما منجز الثبوت وفى الاخر معلقا فلا يصلح للمانعية الا على وجه دائر، وليس الملاك هو كون أحدهما يثبت الموضوع والاخر الحكم كي يتأتى ما ذكر - هذا كله بالنسبة إلى الاستصحابين المتعارضين وكان أحدهما سببا والاخر مسببا.
واما لو كان الأصل السببي غير الاستصحاب كأصالة الطهارة، فقد استشكل المحقق الأصفهاني (قدس سره) في تقدمها على الاستصحاب المسببي.
ولعل الوجه فيه: ان المأخوذ في موضوع الاستصحاب انما هو عدم الحجة، وأصالة الطهارة ليست حجة على الطهارة، بل هي قاعدة منتزعة عن ثبوت الحكم في موارد الشك والدليل الدال عليها وان كان في نفسه حجة الا انه حجة على الطهارة الظاهرية لا على الواقع، فلا يرتفع بأصالة الطهارة ولا بدليلها موضوع الاستصحاب المسببي.
وهذا الوجه مخدوش بوجهين:
الأول: انه لم يثبت ان المأخوذ في موضوع الاستصحاب هو عدم الحجة، بل يمكن الالتزام بأنه عدم المستند في مقام العمل، ولا يخفى ان الدليل على أن الطهارة