الآمر لم يكن في مقام بيان تمام مراده الجدي والا لبينه بالقيد حينذاك. فينتفي أساس مقدمات الحكمة، وهو كون المتكلم في مقام البيان، فلا يصح التمسك بالاطلاق في غير مورد التقييد، لعدم تمامية مقدمات الحكمة في المطلق المصححة للتمسك باطلاقه.
وقد اختار صاحب الكفاية الأول، وان المقصود كونه في مقام بيان المراد الاستعمالي ليكون حجة وقانونا على المكلف - لكشفه عن المراد الجدي ببناء العقلاء على مطابقة المراد الاستعمالي للمراد الجدي - حتى تقوم حجة أقوى على تقييد المراد الجدي فيؤخذ بها ولا ينثلم بها اطلاق المطلق.
واستدل على ذلك بتمسك أهل العرف بالمطلقات في غير مورد التقييد في نفي مشكوك القيدية. وهذا يكشف عن أن اعتبارهم للبيان بالنحو الأول لا الثاني، لأنه على النحو الثاني لا يصح التمسك بالمطلق لانهدام أساس مقدماته - كما عرفت - فتمسك أهل العرف دليل إني على إرادة كونه في مقام بيان المراد الاستعمالي لا الواقعي (1).
وقد أنكر المحقق النائيني (قدس سره) (2) وجود نحوين للإرادة، وانه ليس للاستعمال - الذي حقيقته القاء المعنى باللفظ ولحاظها ثانية في المعنى - إرادة مغايرة لإرادة المعنى الواقعي، بل المستعمل ان كان قد أراد المعاني الواقعة تحت الألفاظ فهو، والا كان هازلا.
وتتضح عدم وجاهة ما افاده بما حقق من أن للمتكلم الملتفت إرادتين:
أحدهما: إرادة تفهيم المعنى باللفظ واحضار المعنى بواسطة اللفظ.
الثانية: ارادته نفس المعنى، بمعنى ان المعنى الذي قصد تفهيمه كان مرادا له