فالمهم: بيان مراد الشيخ ونظره والتوفيق بين ما ذكره أولا وأخيرا، بنحو يرتفع توهم التنافي ويتضح الحال للمستشكل.
والذي ينبغي ان يقال: اما في مسالة الهبة والصرف والسلم وتوقفهما على القبض، فالوجه في عدم جريان أصالة الصحة يمكن أن يكون هو: ان الشك في الصحة الفعلية للعقد في مرحلة البقاء لا في مرحلة الحدوث لأن العقد حين تحققه كان متصفا بالصحة التأهلية، ويشك بقاء في صحته الفعلية وعدمها، وأصالة الصحة لا تجرى فيما إذا كان الشك بين الصحة والبطلان بقاء، بل يختص جريانها فيما إذا كان الشك من حين حدوث العقد - لأنه هو المناسب لدليل أصالة الصحة ثبوتا - وهو في المقام غير متحقق إذ لا شك حين حدوثه في صحته، كما لا يخفى.
واما مسالة بيع الفضولي، أو الراهن بلا إجازة المرتهن، فالسبب في عدم جريان أصالة الصحة فيه يمكن أن يكون أحد وجوه ثلاثة:
الأول: ما ذكر في مسألة الهبة وأخويها، لان الشك في الصحة والبطلان بقاء لا حدوثا، لان صحة العقد التأهلية محرزة حين حدوثه.
الثاني: انه على تقدير جريان أصالة الصحة في مرحلة البقاء، فهي انما تجرى لو كان الشك بين الصحة والفساد رأسا - إذ هو ظاهر أدلتها - اما مع كون الشك في الصحة التأهلية والصحة الفعلية، فلا دليل على جريانها وتعيينها المعنى الثاني والمقام من هذا القبيل، لان الشك في إجازة المالك يوجب الشك في بقاء العقد على صحته التأهلية، أو صيرورته صحيحا فعليا بالإجازة.
الثالث: ما أشرنا إليه سابقا من أن موضوع الصحة هو العقد المضاف إلى المالك، وأصالة الصحة انما تجرى مع احراز موضوع الصحة، وهو غير محرز في الفرض للشك في إجازة المالك، فلا مجال لجريانها. بل تكون صحة العقد تأهلية لأنه جزء المؤثر.
وأما مسألة بيع الوقف، فلا يعرف لها وجه خصوصا مع كون الشك في